للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك من الأسماء وكما في لغات سائر الأمم عربها وعجمها زاحت عنه الشبهة في هذا الباب" (١).

وقال أيضًا: "إذا عرف أنَّ أصل الإيمان في القلب فاسم (الإيمان) تارة يطلق على ما في القلب من الأقوال القلبية والأعمال القلبية من التصديق والمحبة والتعظيم، ونحو ذلك، وتكون الأقوال الظاهرة والأعمال لوازمه وموجباته ودلائله، وتارة على ما في القلب والبدن جعلًا لموجب الإيمان ومقتضاه داخلًا في مُسمَّاه وبهذا يتبيَّن أنَّ الأعمال الظاهرة تُسمَّى إسلامًا وأنها تدخل في مُسمَّى الإيمان تارة ولا تدخل فيه تارة.

وذلك أنَّ الاسم الواحد تختلف دلالته بالإفراد والاقتران، فقد يكون عند الإفراد فيه عموم لمعنيين وعند الاقتران لا يدل إلا على أحدهما، كلفظ الفقير والمسكين إذا أفرد أحدهما تناول الآخر وإذا جمع بينهما كان لكلِّ واحد مُسمّى يخصه ... والأقوال والأعمال الظاهرة نتيجة الأعمال الباطنة ولازمها.

وإذا أفرد اسم (الإيمان) فقد يتناول هذا وهذا كما في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق»، وحينئذٍ فيكون الإسلام داخلًا في مُسمَّى الإيمان وجزءًا منه فيقال حينئذ: إنَّ الإيمان اسمٌ لجميع الطاعات الباطنة والظاهرة" (٢).

وقال الخطابي - رحمه الله -: "والصَّحيح من ذلك أن يقيَّد الكلام في هذا، ولا يُطلق على أحد الوجهين، وذلك أنَّ المسلم قد يكون مؤمنًا في بعض الأحوال، ولا يكون مؤمنًا في بعضها، والمؤمن مسلم في جميع الأحوال، فكلُّ مؤمن مسلم، وليس كل


(١) مجموع الفتاوى ٧/ ٥٧٥ - ٥٧٦.
(٢) المرجع نفسه ٧/ ٥٥١.

<<  <   >  >>