للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مسلم مؤمنًا، فإذا حملت الأمر على هذا استقام لك تأويل الآيات، واعتدل القول فيها ولم يختلف منها شيء" (١).

ويقول الحافظ ابن رجب - رحمه الله -: "فأمَّا الإسلام، فقد فسَّره النَّبي - صلى الله عليه وسلم - بأعمال الجوارح الظاهرة من القول والعمل، وأول ذلك شهادة أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمَّدًا رسول الله، وهو عمل اللسان، ثم إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا ... وأمَّا الإيمان، فقد فسَّره النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث بالاعتقادات الباطنة ... وأمَّا وجه الجمع بين هذه النصوص وبين حديث سؤال جبريل - عليه السلام - عن الإسلام والإيمان، وتفريق النَّبي - صلى الله عليه وسلم - بينهما، وإدخاله الأعمال في مُسمَّى الإسلام دون الإيمان، فإنه يتضح بتقرير أصل، وهو أنَّ من الأسماء ما يكون شاملًا لمسمَّيات متعددة عند إفراده وإطلاقه، فإذا قُرِن ذلك الاسم بغيره، صار دالًّا على بعض تلك المسميات، والاسم المقرون به دال على باقيها، وهذا كاسم الفقير والمسكين، فإذا أفرد أحدهما دخل فيه كل من هو محتاج، فإذا قرن أحدهما بالآخر، دل أحد الاسمين على بعض أنواع ذوي الحاجات، والآخر على باقيها، فهكذا اسم الإسلام والإيمان: إذا أفرد أحدهما، دخل فيه الآخر ودل بانفراده على ما يدل عليه الآخر بانفراده، فإذا قرن بينهما دلَّ أحدهما على بعض ما يدلُّ عليه بانفراده، ودلَّ الآخر على الباقي" (٢).

ويقول الخطابي - رحمه الله -: "وهذه المسألة -يعني الفرق بين الإسلام والإيمان- مما قد أكثر الناس الكلام فيها، وصنَّفوا لها صحفًا طويلة، والمقدار الذي لا بدَّ من ذكره هنا على وجه الإيجاز والاختصار:


(١) معالم السنن ٤/ ٣١٥.
(٢) جامع العلوم والحكم ١/ ٩٨، ١٠٢.

<<  <   >  >>