للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنَّ الإيمان والإسلام قد يجتمعان في مواضع، فيقال للمسلم مؤمن، وللمؤمن مسلم، ويفترقان في مواضع، فلا يُقال لكلِّ مسلمٍ مؤمن، ويقال لكلِّ مؤمنٍ مسلم، فالموضع الذي يتفقان فيه هو أن يستوي الظاهر والباطن، والموضع الذي لا يتفقان فيه هو أن لا يستويا، ويقال له عند ذلك مسلم" (١).

وقال ابن أبي العز - رحمه الله -: "وطائفة جعلوا الإسلام مرادفًا للإيمان ... مع أنهم قالوا: إنَّ الإيمان هو التصديق بالقلب ثم قالوا: الإسلام والإيمان شيءٌ واحد فيكون الإسلام هو التصديق، وهذا لم يقله أحدٌ من أهل اللُّغة وإنما هو الانقياد والطاعة، وقد قال النَّبي - صلى الله عليه وسلم -: «اللهمَّ لك أسلمتُ وبك آمنتُ» (٢)، (٣).

وأما الاستدلال بالآية السابقة "فلا حُجَّة فيه؛ لأنَّ أهل البيت المُخْرَج كانوا متصفين بالإسلام والإيمان ولا يلزم من الاتصاف بهما ترادف" (٤).

"والتحقيق في الفرق بينهما أنَّ الإيمان هو تصديق القلب وإقراره ومعرفته، والإسلام هو استسلام العبد لله وخضوعه وانقياده له، فيكون حينئذ المراد بالإيمان جنس تصديق القلب، وبالإسلام جنس العمل، ومن هنا قال المحققون من العلماء: كل مؤمن مسلم، فإنَّ من حقق الإيمان ورسخ في قلبه قام بأعمال الإسلام، فلا يتحقق القلب بالإيمان إلا وتنبعث الجوارح في أعمال الإسلام، وليس كل مسلم مؤمنًا، فإنه قد يكون الإيمان ضعيفًا فلا يتحقق القلب به تحقُّقًا تامًّا مع عمل جوارحه أعمال الإسلام، فيكون مسلمًا، وليس بمؤمن الإيمان التام" (٥).


(١) أعلام الحديث ١/ ١٦٠ - ١٦١.
(٢) أخرجه مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب الدعاء في صلاة الليل، ١/ ٥٣٣، رقم ٧٦٩.
(٣) شرح العقيدة الطحاوية، ص ٣٨٢ - ٣٨٣.
(٤) المرجع نفسه، ص ٣٨٧.
(٥) جامع العلوم والحكم، ص ٢٦ - ٢٧.

<<  <   >  >>