للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونقل عن زروق في تفسيره لقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} (١) قوله: "اعلم أنَّ الإيمان على ثلاثة أقسام: إيمان لا يزيد ولا ينقص، وهو إيمان الملائكة، وإيمان يزيد وينقص، وهو إيمان عامَّة المسلمين، وإيمان يزيد ولا ينقص وهو إيمان الأنبياء والرُّسُل، ومن كان على قدمهم من العارفين الروحانيين الراسخين في علم اليقين، ومن تعلَّق بهم من المريدين السائرين، فهؤلاء إيمانهم دائمًا في الزيادة، وأرواحهم دائمًا في الترقِّي في المعرفة، يزيدون بالطاعة والمعصية لتيقُّظهم وكمال توحيدهم" (٢).

وقد احتوى هذا النص على مخالفات عقديَّة منها:

١ - الخوض في مالم يرد دليلٌ عليه في إيمان الملائكة.

٢ - التسوية بين إيمان الأنبياء -عليهم السَّلام- وإيمان العارفين الروحانيين الذين وصلوا -كما يزعم- لدرجة الاتصال بالله - عز وجل - عن طريق المجاهدة والجوع وتحريم الطيبات من الرزق، وهذا لا شكَّ في بطلانه، ويتضح ذلك عند بيان مذهب أصحاب الروحانيات الذين يزعمون "أنَّ للعالم صانعًا، فاطرًا، حكيمًا، مقدَّسًا عن سمات الحدثان، والواجب علينا معرفة العجز عن الوصول إلى جلاله، وإنما يُتقرَّب إليه بالمتوسطات المقربين لديه، وهم الروحانيون، المطهرون، المقدسون جوهرًا، وفعلًا، وحالةً ... فالواجب علينا أن نطهِّر نفوسنا عن دنس الشهوات الطبيعيَّة، ونهذِّب أخلاقنا عن علائق القوى الشهوانية والغضبية، حتى تحصل مناسبة ما بيننا وبين الروحانيات، فحينئذ نسأل حاجاتنا منهم، ونعرض أحوالنا عليهم، ونصبو في جميع


(١) سورة الأنفال: ٢.
(٢) البحر المديد ٢/ ٣٠٥.

<<  <   >  >>