للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهي في قلبك وإنما الزهد أن تتركها من قلبك وهي في يدك، وهذا كحال الخلفاء الراشدين وعمر بن عبد العزيز (١) الذى يضرب بزهده المثل مع أن خزائن الأموال تحت يده، بل كحال سيد ولد آدم - صلى الله عليه وسلم - حين فتح الله عليه من الدنيا ما فتح، ولا يزيده ذلك إلا زهدًا فيها" (٢).

ورأي ابن عجيبة وغيره (٣) بعيد عن دين الوسطية والاعتدال، فالنفس لها إقبال وإدبار في ما تقوم به من أعمال، ولهذا بيَّن لنا النبي - صلى الله عليه وسلم - المنهج الصحيح فقال: «لكلِّ عملٍ شرة، ولكلِّ شرة فترة، فمن كانت فترته إلى سُنَّتي فقد اهتدى، ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد هلك» (٤)، ومن لم تخرجه فترته من تضيع فرض أو تدخله في فعل محرَّم يُرجى له أن يعود أفضل مما كان عليه (٥).

ويقول ابن تيمية - رحمه الله -: "ومن عظَّم مطلق السهر والجوع، وأمر بهما مطلقًا فهو مخطئ، بل المحمود السَّهر الشرعي، والجوع الشرعي، فالسَّهر الشرعي كما تقدَّم


(١) أبو حفص، عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم الأموي الدمشقي، أمير المؤمنين، ولي إمارة المدينة للوليد، وكان مع سليمان كالوزير، وولي الخلافة بعده فَعُدَّ مع الخلفاء الراشدين، روى عن عروة بن الزبير، وأبي بكر بن عبد الرحمن، والربيع بن سيرة، وغيرهم، وعنه الزهري وأبو بكر بن حزم، حديثه عند الستة، مات في رجب سنة ١٠١ هـ، وله أربعون سنة، ومدة خلافته سنتان ونصف. ينظر: الجرح والتعديل ٦/ ١٢٣, سير أعلام النبلاء ٥/ ١١٤.
(٢) طريق الهجرتين، ص ٢٥٢.
(٣) ينظر: الآداب المرضية لسالك طريق الصوفية، ص ٣٥، ٣٥٣، سلوك الطريقة الوارية بالشيخ والمريد والزاوية، ص ٧٣، ١٠٧.
(٤) أخرجه أحمد في المسند ٥/ ٤٠٩، رقم ٢٣٨٧٠، والبزار في المسند ٦/ ٣٣٧ - ٣٣٨، رقم ٢٣٤٥، و ٢٣٤٦، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: رجاله رجال الصحيح ٢/ ٢٥٨، وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان ٣/ ٣٩٩، رقم ٣٨٧٨، وابن حبان في صحيحه ١/ ١٨٧، رقم ٢١١، وحسَّنه الألباني في التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان ١/ ٣٨٠، وأخرجه الترمذي ٢/ ٧٤، وقال: حديثٌ حسنٌ صحيح، وصحَّحه الألباني في ظلال الجنة رقم ١٥١.
(٥) ينظر: مدارج السالكين ٣/ ١٣١.

<<  <   >  >>