للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (١).

قال ابن كثير - رحمه الله -: "أي: لولا هو يرزق من يشاء التوبة والرجوع إليه، ويزكِّي النفوس من شركها وفجورها ودسِّها وما فيها من أخلاقٍ رديئة، كل بحسبه، لما حصل أحد لنفسه زكاة ولا خيرًا" (٢).

ولن تنعم هذه النفس في أنواع العبادات إلا إذا تزكَّت بتحقيق التوحيد العلمي الخبري والإرادي الطلبي، فالله - عز وجل - خلق الخلق لقيام توحيده وعبادته، وأسبغ عليهم نعمه ليتوسَّلوا بشكرها إلى زيادة كرامته (٣).

ومن تأمَّل هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - وجده أفضل الهدي في مطعمه ومشربه وملبسه، "يأكل ما تيسَّر إذا اشتهاه، ولا يردُّ موجودًا، ولا يتكلَّف مفقودًا، فكان إن حضر خبزٌ ولحمٌ أكله، وإن حضر فاكهة وخبز ولحم أكله، وإن حضر تمر وحده أو خبز وحده أكله، وإن حضر حلو أو عسل طعمه أيضًا، وكان أحب الشراب إليه الحلو البارد، وكان يأكل القثَّاء بالرطب، فلم يكن إذا حضر لونان من الطعام يقول: لا آكل لونين، ولا يمتنع من طعام لما فيه من اللذة والحلاوة، وكان أحيانًا يمضي الشهران والثلاثة لا يوقد في بيته نار، ولا يأكلون إلا التمر والماء، وأحيانًا يربط على بطنه الحجر من الجوع، وكان لا يعيب طعامًا فإن اشتهاه أكله، وإلا تركه ... وكذلك اللباس كان يلبس القميص والعمامة، ويلبس الإزار والرداء ويلبس الجُبَّة (٤) والفروج (٥)، وكان يلبس من القطن والصوف وغير ذلك ... وكان يلبس مما يُجلب


(١) سورة النور: ٢١.
(٢) تفسير القرآن العظيم ٦/ ٣٠.
(٣) ينظر: مدارج السالكين ١/ ١٤٤.
(٤) الجُبَّة: ثوب سابغ واسع الكُمِّين مشقوق المقدم يلبس فوق الثياب. ينظر: المعجم الوسيط ١/ ١٠٤.
(٥) الفروج: شبه القباء، وهو ثوب يلبس فوق الثياب أو القميص ويتمنطق عليه. المرجع نفسه ٢/ ٧١٣.

<<  <   >  >>