للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من اليمن وغيرها، وغالب ذلك مصنوعٌ من القطن، وكانوا يلبسون من قباطي مصر، وهي منسوجة من الكتان، فسُنَّتُه في ذلك تقتضي أن يلبس الرَّجل ويطعم مما يسَّره الله ببلده من الطعام واللباس، وهذا يتنوع بتنوع الأمصار.

وقد كان اجتمع طائفة من أصحابه على الامتناع من أكل اللحم ونحوه، وعلى الامتناع من تزوج النساء، فأنزل الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ} (١).

وفي الصحيحين عنه أنه بلغه أنَّ رجالًا قال أحدهم: أما أنا فأصوم لا أفطر، وقال الآخر: أما أنا فأقوم لا أنام، وقال الآخر: أمَّا أنا فلا أتزوج النساء، وقال الآخر: أما أنا فلا آكل اللحم، فقال: «لكنِّي أصوم وأفطر، وأقوم وأنام، وأتزوَّج النساء وآكل اللحم، فمن رغب عن سنتي فليس مني» (٢).

وقد قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} (٣)، فأمر بأكل الطيبات والشكر لله فمن حرم الطيبات كان معتديًا، ومن لم يشكر كان مفرطًا مضيعًا لحق الله. وثبت عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إنَّ الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها، ويشرب الشربة فيحمده عليها» (٤) ... فهذه هي الطريقة التي كان عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - وانحرف عنها قوم ابتدعوا


(١) سورة المائدة: ٨٧ - ٨٨.
(٢) أخرجه البخاري، كتاب النكاح، باب ما يكره من التبتل والخصاء، ٩/ ١١٧، رقم ٥٠٧٣، ٥٠٧٤.
(٣) سورة البقرة: ١٧٢.
(٤) أخرجه مسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب استحباب حمد الله تعالى بعد الأكل والشرب، ١٧/ ٢١٠، رقم ٢٧٣٤.

<<  <   >  >>