للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وليس للمريد أن يعترض على شيخه ولو رأى منه القبيح بل عدَّه ابن عجيبة "من أقبح كل قبيح، وأشنع من كل شنيع، وهو سبب تسويس بذرة الإرادة، فتفسد شجرة الإرادة" (١).

بل بلغ من التعظيم أنَّ ابن عجيبة يقرر الخضوع للشيخ، ولكن على هيئة تقبيل القدم أو الأرض بين يدي الشيخ حيث يقول: "الحق سبحانه غيور، لا يرضى لغيره أن يعبد معه غيره، سواء كان على وجه الواسطة والتقريب، أو على وجه الاستقلال؛ لذلك حَرُم السجود لغير الله، وأمَّا الخضوع للأولياء العارفين بالله، على غير وجه العبادة، فهو عين الخضوع لله؛ لأنَّ الله تعالى أمر بالخضوع للرُّسل، الدالين على الله، وهم ورثتهم في الدلالة، لكن لا يكون ذلك على هيئة السجود، وإنما يكون على وجه تقبيل القدم والأرض" (٢).

والحقيقة بيَّنها أهل الحق من علماء السُّنَّة والجماعة، قال ابن القيم - رحمه الله -: "فالشِّرك والكفر هو "شركٌ وكفر؛ لحقيقته ومعناه، لا لاسمه ولفظه، فمن سجد لمخلوق وقال: ليس هذا بسجودٍ له، هذا خضوع وتقبيل الأرض بالجبهة، أو هذا إكرام، لم يخرج بهذه الألفاظ عن كونه سجودًا لغير الله - عز وجل - " (٣).

فالسُّجود لغير الله - عز وجل - لا شكَّ في تحريمه دلَّ على ذلك إنكار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على فعل معاذ - رضي الله عنه -، عندما رجع من الشام فسجد للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما هذا يا معاذ؟» فقال: يا رسول الله رأيتهم يسجدون لأساقفتهم، ويذكرون ذلك عن أنبيائهم، فقال: «كذبوا يا معاذ، لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحد، لأمرت


(١) إيقاظ الهمم ١/ ١٠٥.
(٢) البحر المديد ٦/ ٢٣٦.
(٣) بدائع الفوائد ٢/ ٢٣٥.

<<  <   >  >>