للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن أمِّ المؤمنين أم الحكم زينب بنت جحش - رضي الله عنها -: أنَّ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها فزعًا مرعوبًا يقول: «لا إله إلا الله، ويلٌ للعرب من شرٍّ قد اقترب، فتح اليوم من ردم (١) يأجوج ومأجوج مثل هذه، وحلق بإصبعيه (٢) الإبهام والتي تليها»، فقلت: يا رسول الله! أنهلك وفينا الصالحون؟، قال: «نعم، إذا كثر الخبث» (٣) " (٤).

وعن النعمان بن بشير - رضي الله عنه -: عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «مثل القائم في حدود الله، والواقع فيها، كمثل قوم استهموا على سفينة، فصار بعضهم أعلاها، وبعضهم أسفلها، وكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقًا، ولم نؤذ من فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا، وهلكوا جميعا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا، ونجوا جميعا» (٥).

والمريد غير مُهتد بعدم إنكاره على شيخه، بل هو في خُسر، يقول الشيخ الشنقيطي - رحمه الله -: "ومما يدلُّ على أنَّ تارك الأمر بالمعروف غير مهتد، أن الله تعالى أقسم أنه في خسر في قوله تعالى: {وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (٦)، فالحق وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبعد أداء الواجب لا يضر الآمر ضلال من ضل" (٧).

قال البربهاري - رحمه الله -: "وإذا رأيت الرَّجل من أهل السُّنَّة رديء الطريق والمذهب،


(١) ردم: هو السد الذي بناه ذو القرنيين، ينظر: فتح الباري، لابن حجر ٢٠/ ١٤٨.
(٢) أي جعلهما مثل الحلقة. ينظر: المرجع نفسه ٢/ ١٤٨.
(٣) الخبث: أي المعاصي والشرور وأهلها. ينظر: حاشية السندي على ابن ماجه ٧/ ٣٢٣.
(٤) أخرجه البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب قصة يأجوج ومأجوج، ٢/ ٤٥٨، رقم ٣٣٤٦.
(٥) أخرجه البخاري، كتاب الشركة، باب هل يقرع في القسمة والاستهام فيه، ٢/ ٢٠٥، رقم ٢٤٩٣.
(٦) سورة العصر: ١ - ٢ - ٣.
(٧) أضواء البيان ١/ ٤٥٩.

<<  <   >  >>