للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الشوكاني - رحمه الله -: "أي لعنهم الله سبحانه على لسان داود وعيسى ابن مريم أي في الزبور والإنجيل على لسان داود وعيسى بما فعلوه من المعاصي كاعتدائهم في السبت وكفرهم بعيسى، ... والإشارة بذلك إلى اللعن، أي ذلك اللعن بسبب المعصية والاعتداء لا بسبب آخر، ... والمعنى، أنهم كانوا لا ينهون العاصي عن معاودة معصية قد فعلها، أو تهيَّأ لفعلها، ويحتمل أن يكون وصفهم بأنهم قد فعلوا المنكر باعتبار حالة النزول لا حالة ترك الإنكار، وبيان العصيان والاعتداء بترك التناهي عن المنكر؛ لأن من أخلَّ بواجب النهي عن المنكر فقد عصى الله سبحانه وتعدى حدوده، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهم القواعد الإسلامية وأجل الفرائض الشرعية" (١).

ويقول الشيخ السعدي - رحمه الله - في تفسير هذه الآية: "كانوا يفعلون المنكر، ولا ينهى بعضهم بعضًا، فيشترك بذلك المباشر وغيره الذي سكت عن النهي عن المنكر مع قدرته على ذلك، ... وإنما كان السكوت عن المنكر -مع القدرة- موجبًا للعقوبة؛ لما فيه من المفاسد العظيمة، منها: أنَّ مجرد السكوت فعل معصية، وإن لم يباشرها الساكت، فإنه -كما يجب اجتناب المعصية- فإنه يجب الإنكار على من فعل المعصية" (٢).

ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» (٣).


(١) فتح القدير ٢/ ٧٤.
(٢) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ١/ ٢٤٠.
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه, كتاب الإيمان، باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان، وأن الإيمان يزيد وينقص، وأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان، ١/ ٦٩، رقم ٤٩.

<<  <   >  >>