للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولقد بيَّن شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - مآل من عظمَّ شيخه، فقال: "من ادعى أنَّ شيخًا من المشايخ يخلص مريديه يوم القيامة من العذاب، فقد ادعى أن شيخه أفضل من محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم -، ومن قال هذا فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل، فإنه قد ثبت في الحديث الصحيح أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يا فاطمة بنت محمد لا أغني عنك من الله شيئًا، يا صفية عمة رسول الله لا أغني عنك من الله شيئًا، يا عبَّاس عم رسول الله لا أغني عنك من الله شيئًا سلوني ما شئتم من مالي» (١) ... فإذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول مثل هذا لأهل بيته وأصحابه الذين آمنوا به وعزروه ونصروه؛ من المهاجرين والأنصار -يقول: إنه ليس يغني عنهم من الله شيئًا- فكيف يقال في شيخ غايته أن يكون من التابعين لهم بإحسان؟ وقد قال تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} (٢).

وقال: {وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ} (٣)، وأمثال ذلك من نصوص القرآن والسُّنَّة" (٤).

وتعظيم المريد لشيخه آل به إلى تعطيل شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد تطابق على وجوبها الكتاب والسُّنَّة وإجماع الأمة.

قال تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} (٥).


(١) أخرجه البخاري، كتاب التفسير، باب {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} ٣/ ٢٧٢، رقم ٤٧٧١.
(٢) سورة الانفطار: ١٧ - ١٩.
(٣) سورة البقرة: ٤٨.
(٤) مجموع الفتاوى ٢/ ١٠٥.
(٥) سور المائدة: ٦.

<<  <   >  >>