للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المريد عندما يتم قبوله في الجماعة الصوفية يمنح خرقة تعتبر رمزًا إلى الفقر واعتزال الدنيا، ... ولكن لا نستطيع أن نتجاهل أن الخرقة كرمز للاندماج في الجماعة الصوفية تشبه طريق الاندماج في جماعة (البيكشو) الهندية الذي يتم تسليم الثوب ومعرفة القواعد والآداب التي يتحتم على المريد اتباعها" (١).

ولبس الخرقة من البدع التي اقترفها الصوفية، واهتمُّوا بتأليف الكتب فيها (٢)، ولقد بيَّن شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - أن ليس لها أصل من الدين، فقال: وأما لباس الخرقة فليس لها أصل يدلُّ عليها الدلالة المعتبرة من جهة الكتاب والسُّنَّة ولا كان المشايخ المتقدمون وأكثر المتأخرين يلبسونها.

وأمَّا ما يستدلون به على قولهم بأنَّ امرأة نسجت (٣) بردة وأعطتها النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم سألها منه أحد الصحابة - رضي الله عنهم - ليس فيه دليل على الوجه الذي يفعلونه، فإن إعطاء الرجل لغيره ما يلبسه كإعطائه إياه ما ينفعه وأخذ ثوب من النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - على وجه البركة ليس هذا كلباس الخرقة بقصد المتابعة والاقتداء، أو اتخاذ ذلك سُنَّة وطريق إلى الله (٤).

وما زعموا بأنَّ لهم أصلًا في إسنادها إلى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فهذا كذب مختلق باتفاق أهل المعرفة بسُنَّته - صلى الله عليه وسلم - (٥).


(١) العقيدة والشريعة في الإسلام، ص ١٤٥ - ١٤٦.
(٢) لبس الخرقة في السلوك الصوفي، ص ١ - ٩٩.
(٣) من حديث سهل بن سعد - رضي الله عنه - قال: "جاءت امرأة ببردة، قال سهل: هل تدري ما البردة؟ قال: نعم هي الشَّملة منسوج في حاشيتها، قالت: يا رسول الله إني نسجت هذه بيدي أكسوكها فأخذها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محتاجًا إليها فخرج إلينا وإنها لإزاره فجسَّها رجلٌ من القوم فقال يا رسول الله: اكسنيها قال: «نعم». أخرجه البخاري، كتاب اللباس، باب البرود والحبر والشملة، ٤/ ٥٨، رقم ٥٨١٠.
(٤) ينظر: مجموع الفتاوى ١١/ ٥١٠.
(٥) ينظر: المصدر السابق ١١/ ٨٨.

<<  <   >  >>