وبسعة الطريق يهون عليه السير، وكل طالب أمر من الأمور فلا بدَّ له من تعين مطلوبه، وهو المقصود، ومعرفة الطريق الموصل إليه، والأخذ في السلوك، فمتى فاته واحد من هذه الثلاث لم يصح طلبه ولا سيره، فالأمر دائرٌ بين مطلوب يتعين إيثاره على غيره، وطلب يقوم بقصد من يقصده، وطريق توصل إليه.
فإذا تحقق العبد بطلب ربه وحده تعيَّن مطلوبه، فإذا بذل جهده في طلبه صحَّ له طلبه، فإذا تحقق باتباع أوامره، واجتناب نواهيه صحَّ له طريقه، وصحة القصد والطريق موقوفة على صحة المطلوب.
فحكم القصد يُتلقَّى من حكم المقصود، فمتى كان المقصود أهلًا للإيثار كان القصد المتعلِّق به كذلك، فالقصد والطريق تابعان للمقصود.
وتمام العبودية أن يوافق الرسول - صلى الله عليه وسلم - في مقصوده وقصده وطريقه.
فمقصوده الله وحده وقصده تنفيذ أوامره في نفسه وفي خلقه، وطريقه اتباع ما أوحي إليه، فصحبه الصحابة - رضي الله عنهم - على ذلك حتى لحقوا به، ثم جاء التابعون لهم بإحسان، فمضوا على آثارهم.
ثم تفرَّقت الطرق بالناس، فخيار الناس من وافقه في المقصود والطريق، وأبعدهم عن الله ورسوله من خالفه في المقصود والطريق، وهم أهل الشرك بالمعبود، والبدعة في العبادة، ومنهم من وافقه في المقصود وخالفه في الطريق، ومنهم من وافقه في الطريق وخالفه في المقصود.
فمن كان مراده الله والدار الآخرة فقد وافقه في المقصود، فإن عبد الله بما به أمر على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - فقد وافقه في الطريق، وإن عبده بغير ذلك فقد خالفه في الطريق.
ومن كان مقصوده من أهل العلم، والعبادة، والزهد في الدنيا الرياسة، فقد