للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن تيمية - رحمه الله -: وكذلك أصحاب الرياضة والتجرُّد، فإنَّ صفوتهم الذين يشتغلون بذكر بسيط مثل (لا إله إلا الله) إن لم يغلوا فيقتصروا على مجرَّد (الله الله) ويعتقدون أنَّ ذلك أفضل وأكمل، كما فعله كثير منهم، وربما اقتصر بعضهم على (هو هو)، أو على قوله: (لا هو إلا هو)؛ لأن هذا الذكر المبتدع الذي هو لا يفيد بنفسه إلا أنه مطلقًا ليس فيه بنفسه ذكر لله إلا بقصد المتكلم، فقد ينضم إلى ذلك اعتقاد صاحبه أنه لا وجود إلا هو كما يصرح به بعضهم ويقول: (لا هو إلا هو) أو (لا موجود إلا هو) وهذا عند الاتحادية أجود من قول (لا إله إلا الله)؛ لأنه مصرح بحقيقة مذهبهم الفرعوني القرمطي حتى يقول بعضهم: (لا إله إلا الله) ذكر العابدين و (الله الله) ذكر العارفين وهو هو ذكر المحققين ويجعل ذكره (يا من لا هو إلا هو)، وإذا قال (الله الله) إنما يفيد مجرد ثبوته فقد ينضم إلى ذلك نفي غيره لا نفي إلهية غيره فيقع صاحبه في وحدة الوجود وربما انتفى شهود القلب للسوى إذا كان في مقام الفناء فهذا قريب، أمَّا اعتقاد أن وجود الكائنات هي هو فهذا هو الضلال، ويضمون إلى ذلك نوعًا من التصفية مثل ترك الشهوات البدنية من الطعام والشراب والرياسة والخلوة وغير ذلك من أنواع الزهادة المطلقة والعبادة المطلقة فيصلون أيضًا إلى تألُّهٍ مطلق ومعرفة مطلقة بثبوت الرَّب ووجوده ونحو ذلك من نحو ما يصل إليه أرباب القياس (١).

وطريق حصول الولاية وفق المنهج الحق باتباع الشريعة الغرَّاء وسلوك المحجة البيضاء.

قال ابن تيمية - رحمه الله -: "أولياء الله - عز وجل - هم الذين نعتهم الله في كتابه، حيث قال: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا


(١) مجموع الفتاوى ٢/ ٦٣.

<<  <   >  >>