للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال في موضع آخر: "ومن قال من ضُلَّال المسلمين: "إنَّ الرب يتحد أو يحل في الأنبياء والأولياء، وإنَّ هذا من السرِّ الذي لا يباح به، فقوله من جنس قول النصارى في المسيح، وهذا كثيرٌ في كلام كثير من المشايخ والمدَّعين للمعرفة والتحقيق والتوحيد، فيجعلون توحيد العارفين أن يصير الموحِّد هو الموحَّد ... ومن هؤلاء من يقول: إنَّ هذا هو السرُّ الذي باح به الحلاج (١) وغيره، وهذا عندهم من الأسرار التي يكتمها العارفون، فلا يبوحون بها إلا لخواصهم.

ومنهم من يقول: إنما قتل الحلاج ; لأنه باح بهذا السر، وينشدون:

من باح بالسرِّ كان القتلُ شيمتَهُ ... بين الرِّجالِ ولم يؤخذ له ثارُ" (٢)

وقال الشيخ ابن باز - رحمه الله - (٣): "فمنهم من يحب شيخًا فيتزيَّا في صورته ويقول: أنا فلان، ويكون ذلك في برية ومكان قفر، فيطعم ذلك الشخص طعامًا ويسقيه شرابًا، أو يدلُّه على الطريق، أو يخبره ببعض الأمور الواقعة الغائبة، فيظن ذلك الرَّجل أنَّ نفس الشيخ الميت أو الحي فعل ذلك ... ، أو هذا ملك جاء على صورته، وإنما


(١) الحسين بن منصور بن محمي الحلاج، البيضاوي الفارسي، ولد في مدينة البيضاء بفارس سنة ٢٤٤ هـ، ونشأ في العراق وتنقَّل فيها وسكن البصرة، ثم دخل بغداد، وظهر أمره سنة ٢٩٩ هـ، من مؤلفاته: الطواسين، ولقد كان من أصحاب الاتحاد والحلول، وعندما كثر شرُّه وأعلن إلحاده قتل على الزندقة والكفر والحلول، سنة ٣٠٩ هـ. ينظر: تاريخ الإسلام ٧/ ١٤٣ - ١٤٤، الأعلام، ٢/ ٢٦٠، الموسوعة الصوفية ١٢٦/ ١٣١.
(٢) الجواب الصحيح ٤/ ٤٩٥ - ٤٩٦.
(٣) هو الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد آل باز، ولد سنة ١٣٣٠ هـ في الرياض، كان في بداية عمره بصيرًا، ثم فقد بصره عام ١٣٥٠ هـ، حفظ القرآن قبل سن البلوغ، ومن أبرز مشايخه: محمد بن عبد اللطيف، سعد بن عتيق، محمد بن إبراهيم، تقلَّد مناصب عدة من قضاء، وتدريس، ونائبًا لرئيس الجامعة الإسلامية ثم عُيِّن رئيسًا لها، ثم مفتيًا عامًّا، له مؤلفات عدة: منها مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، التحقيق والإيضاح من مسائل الحج والعمرة والزيارة، توفي عام ١٤٢٠ هـ في الطائف وصُلِّي عليه في مكة. ينظر: ترجمة لسماحة الشيخ ابن باز، ص ٩ - ١٠، ١١، ١٧، ٢٠.

<<  <   >  >>