للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وله طريقة في إخفاء الولاية وهي "المغالطة: وتعني إظهار الغلط، وإيقاع الغير فيه، مع إخفاء الصواب، وتُسمَّى عند الصوفية التلبيس، كإظهار الرغبة، وإخفاء الزُّهد، وإخفاء المحبَّة، وإظهار السُّلوان، يفعلون ذلك صيانةً للسر، وتخريب الظاهر، وتعمير الباطن" (١).

وهذا القول باطل؛ فولاية الله - عز وجل - مبذولة لكلِّ من سعى إليها وسار في طريقها ووفَّقه الله - سبحانه وتعالى - إلى بلوغها كما قال - عز وجل -: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} (٢)، وقال - عز وجل -: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (٣).

ولا شكَّ أنه على الرُّغم من أنَّ كلَّ مؤمنٍ هو وليُّ الله - جل وعلا - فإنَّ ولاية الله للعبد ومحبته له تتفاوت بحسب الإيمان والتقوى والعمل الصالح فكُلَّما ازداد إيمان العبد وترقَّى في درجات الكمال والصَّلاح وتحلَّى بالتقوى كان أعظم ولاية، وأقرب من ربه - عز وجل -.

وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (٤).

فجعل - سبحانه وتعالى - تقواه واتخاذ الوسيلة منه هي الطريق الموصل لرحمته فيستحيل أن تكون رحمة الله التي يختص بها من يشاء كائنة دون حكمة؛ لأنَّ الله - سبحانه وتعالى - يعلم أين يجعل رسالته وأين يضع هدايته كما قال: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ


(١) البحر المديد ٥/ ٢٤٦.
(٢) سورة الليل: ٥.
(٣) سورة العنكبوت: ٦٩.
(٤) سورة المائدة: ٣٥.

<<  <   >  >>