للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأخبرتهم أنِّي لم أغثهم وإنما ذلك شيطانٌ تصوَّر بصورتي ليضلَّهم لما أشركوا بالله ودعوا غير الله - عز وجل - " (١).

بينما لو قال أحدهم: "لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم" (٢)، لفرج الله - عز وجل - عليهم الكرب والشدائد.

وعن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فإنه لم يدع بها رجلٌ مسلمٌ في شيءٍ قطُّ إلا استجاب الله له» (٣).

قال ابن القيم عن هذه الدعوات: "وأمَّا دعوة ذي النون فإنَّ فيها من كمال التوحيد والتنزيه للرَّب تعالى، واعتراف العبد بظلمه وذنبه، ما هو من أبلغ أدوية الكرب والهم والغم، وأبلغ الوسائل إلى الله - عز وجل - في قضاء الحوائج، فإنَّ التوحيد والتنزيه يتضمَّنان إثبات كل كمال الله، وسلب كل نقص وعيب وتمثيل عنه، والاعتراف بالظلم يتضمَّن إيمان العبد بالشرع والثواب والعقاب، ويوجب انكساره ورجوعه إلى الله واستقالته عثرته، والاعتراف بعبوديته، وافتقاره إلى ربه، فهاهنا أربعة أمور قد وقع التوسُّل بها: التوحيد، والتنزيه، والعبودية، والاعتراف" (٤).


(١) الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح ٢/ ٣٢١.
(٢) أخرجه البخاري، كتاب الدعوات، باب الدعاء عند الكرب، ٤/ ١٦١، رقم ٦٣٤٥.
(٣) أخرجه أحمد في المسند ١/ ١٧٠، رقم ١٤٦٢، والترمذي، كتاب الدعوات، باب جامع الدعوات عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ٥/ ٤٨٤، رقم ٣٥٠٥، وأبو يعلى في مسنده ٢/ ١١١، رقم ٧٧٢، والحاكم في المستدرك ٢/ ٣٨٣، وقال الهيثمي ٧/ ٦٨: ورجاله رجال الصحيح غير إبراهيم بن محمد بن سعد بن أبي وقاص وهو ثقة. وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع، رقم ٣٣٨٣.
(٤) زاد المعاد في هدي خير العباد ٦/ ٢٩٣.

<<  <   >  >>