للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما يذكرون أخبارًا في قضاء حاجاتهم، ومن ذلك إيراد ابن عجيبة كرامة لجدته -حسب زعمه- فقال: "وجدتنا للأب والأم الوليَّة الشهيرة المكاشفة الكبيرة فاطمة بنت الولي الصالح سيدي إبراهيم بن عجيبة، كانت من أهل الإغاثة في البر والبحر ولها كرامات، منها: أن بعض البحرية طلعت عليهم سفينة النصارى وأرادوا أخذهم واستغلبوا عليهم، وقال رئيس السفينة من كان يعرف وليًّا في بلده فليستغث به، فقال رجلٌ من طنجة (١) اللا فاطمة العجيبية كان يسمع بها فظهرت معهم في المركب وهي تدفع المركب إلى البر وتقول الله الله الرجال فسلموا" (٢).

وكثيرًا ما يورد الصوفية أخبارًا مثل هذه في تراجم شيوخهم (٣)، فيتصور الشيطان بصورة ذلك الرجل أو المرأة المستغاثة ويأتي إليهم ويقضي حاجتهم، وهذا ديدن كل من يتعلَّق بغير الله - عز وجل -.

قال ابن تيمية - رحمه الله -: "وقد جرى مثل هذا لي ولغيري ممن أعرفه ذكر غير واحد أنه استغاث بي من بلاد بعيدة وأنه رآني قد جئته، ومنهم من قال: رأيتك راكبًا بلباسك وصورتك، ومنهم من قال: رأيتك على جبل، ومنهم من قال غير ذلك،


(١) طنجة: مدينة كبيرة فيها آثار كثيرة وقصور، وكان فيها ماء مجلوب في قناة كبيرة، وقيل إنَّ طنجة آخر حدود إفريقية في المغرب، وهي طنجة البيضاء المذكورة في التواريخ، وكان فيها رخام وصخر ومنجور جليل، منها كانت القنطرة على بحر الزقاق إلى ساحل أندلس التي لم يكن في العالم مثلها، وكانت تمر عليها القوافل والعساكر من ساحل طنجة إلى ساحل الأندلس، فلما كان قبل فتح جزيرة الأندلس بنحو ٢٠٠ سنة طغى ماء البحر وخرج من البحر المحيط إلى بحر الزقاق، فغرق هذه القنطرة وغيرها من المواضع المجاورة لها. ينظر: الاستبصار في عجائب الأمصار ١/ ١٣٨ - ١٣٩.
(٢) الفهرسة، ص ٢٠.
(٣) مثل ما زعموا أن جاكيرا الكردي استغاث به رجل في البحر، فجاء إليهم في السفينة وأنقذهم، هكذا زعموا. ينظر: جامع الكرامات، للنبهاني ١/ ٣٧٩، طبقات الشعراني ١/ ١٣٢.

<<  <   >  >>