للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالحلول وهو قول النسطورية (١)، وبالاتحاد من وجه دون وجه وهو قو الملكانية (٢) " (٣).

وتلحظ أنَّ أهل الحلول والاتحاد يثبتون الاثنينية؛ أمَّا أهل وحدة الوجود فلا تعترف إلا بالوحدة.

وعرَّف شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - الاتحاد بالاختلاط والامتزاج بين الخالق والمخلوق، ثم قال: "وهذا حقيقة الاتحاد، لا يُعقل الاتحاد إلا هكذا" (٤).

ويتبيَّن مما سبق أن ابن عجيبة يرى كفر من يعتقد بالحلول والاتحاد، فنهاية الحلول والاتحاد وحدة الوجود.

تقول الدكتور سارة آل جلوي: "ويرى معظم الباحثين: أنَّ فكرة وحدة الوجود تطوُّرٌ طبيعيٌّ لفكرة الحلول والاتحاد التي قال بها بعض الصوفية، وذلك لأن الذات الإلهية إذا كانت تقبل الحلول في أجساد طائفة من الخلق، أو الاتحاد معها فلا يوجد ما يمنع أن يصحب هذا الحلول أو الاتحاد عامًّا يشمل جميع المخلوقات حيّها وجمادها، بحيث لا يكون في الكون شيءٌ إلا الله" (٥).


(١) النسطورية: أصحاب نسطور الحكيم الذي ظهر في زمن المأمون، وتصرف في الأناجيل بحكم رأيه، وقال: إنَّ الله تعالى واحد ذو أقانيم ثلاثة، ومنهم من أطلق القول بأن كل واحد من الأقانيم الثلاثة، حي، ناطق، إله، وزعموا أنَّ الابن لم يزل متولدًا مع الأب وإنما تجسَّد واتحد بجسد المسيح حين ولد. ينظر: الملل والنحل ٢/ ٢٩.
(٢) الملكانية: أصحاب ملكان الذي ظهر بأرض الروم، واستولى عليها، ومعظم الروم ملكانية، قالوا إنَّ الكلمة اتحدت بجسد المسيح، وتدرعت بناسوته، ويعنون بالكلمة أقنوم العلم، ويعنون بروح القدس أقنوم الحياة، ينظر: الملل والنحل ٢/ ٢٧.
(٣) مجموع الفتاوى ٢/ ٤٦٥.
(٤) الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح ٤/ ٧ - ٨.
(٥) نظرية الاتصال عند الصوفية، ص ٣٩.

<<  <   >  >>