وفنَّد ابن تيمية هذه الشبهة بقوله:"وبعض من تكلَّم في علل المقامات، جعل الحب، والرضا، والخوف، والرجاء من مقامات العامة، بناءً على مشاهدة القدر، وأنَّ من شهد القدر فشهد توحيد الأفعال حتى فني من لم يكن، وبقي من لم يزل، يخرج عن هذه الأمور وهذا كلام مستدرك حقيقة وشرعًا، أمَّا الحقيقة فإنَّ الحي لا يتصور أن لا يكون حساسًا محبًّا لما يلائمه مبغضًا لما ينافره، ومن قال إنَّ الحي يستوي عنده جميع المقدورات فهو أحد رجلين: إمَّا أنه لا يتصور ما يقول بل هو جاهل، وإمَّا أنه مكابر معاند، ولو قدر أنَّ الإنسان حصل له حال أزال عقله -سواء سمي اصطلامًا أو محوًا أو فناءً أو غشيًا أو ضعفًا- فهذا لم يسقط إحساس نفسه بالكلية بل له إحساس بما يلائمه وما ينافره وإن سقط إحساسه ببعض الأشياء فإنه لم يسقط بجميعها، فمن زعم أنَّ المشاهد لتوحيد الربوبية يدخل إلى مقام الجمع والفناء فلا يشهد فرقًا فإنه غالط بل لا بدَّ من الفرق فإنه أمر ضروري لكن إذا خرج عن الفرق الشرعي بقي في الفرق الطبعي فيبقى متبعًا لهواه لا مطيعًا لمولاه"(١).
فليس لهم عذر في أحوالهم التي غلبت عليهم فظهرت منهم شطحات وأقوال، وأفعال منكرات، فظنَّ المخدوعون بهم أنهم أولياء.
قال ابن تيمية - رحمه الله -: "وليس لله وليٌّ إلا من اتبعه باطنًا وظاهرًا فصدَّقه فيما أخبر به من الغيوب والتزم طاعته فيما فرض على الخلق من أداء الواجبات وترك المحرمات، فمن لم يكن له مصدقًا فيما أخبر ملتزمًا طاعته فيما أوجب وأمر به في الأمور الباطنة التي في القلوب والأعمال الظاهرة التي على الأبدان لم يكن مؤمنًا فضلًا عن أن يكون وليًّا لله, ولو حصل له من خوارق العادات ماذا عسى أن