للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت لكان كذا وكذا ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإنَّ لو تفتح عمل الشيطان» (١)، فأمره النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بشيئين: أن يحرص على ما ينفعه وهو امتثال الأمر وهو العبادة وهو طاعة الله ورسوله وأن يستعين بالله وهو يتضمَّن الإيمان بالقدر، أنه لا حول ولا قوة إلا بالله، وأنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن (٢).

ومن زعم أن ليس له إرادة بل هو في حكم الوقت فهو كاذبٌ ومخالفٌ لشرع الله - عز وجل -.

قال ابن تيمية - رحمه الله -: "أما خلو الإنسان عن الإرادة مطلقًا فممتنع؛ فإنه مفطورٌ على إرادة ما لا بدَّ له منه وعلى كراهة ما يضره ويؤذيه، والزاهد الناسك إذا كان مسلمًا فلا بدَّ أن يريد أشياء يحبها الله، مثل أداء الفرائض، وترك المحارم، بل وكذلك عموم المؤمنين لا بدَّ أن يريد أحدهم أشياء يحبها الله، وإلا فمن لم يحب الله ولا أحب شيئًا لله فلم يحب شيئًا من الطاعات لا الشهادتين ولا غيرهما، ولا يريد ذلك فإنه لا يكون مؤمنًا فلا بدَّ لكلِّ مؤمن من أن تكون له إرادة لبعض ما يحبه الله ...

وأما الخلو عن الإرادتين المحمودة والمذمومة فيقع على وجهين:

الوجه الأول: مع إعراض العبد عن عبادة الله تعالى وطاعته وإن علم بها فإنه قد يعلم كثيرًا من الأمور أنه مأمور بها وهو لا يريدها ولا يكره من غيره فعلها، وإذا


(١) أخرجه مسلم، كتاب القدر، باب في الأمر بالقوة وترك العجز والاستعانة بالله وتفويض المقادير لله، ٤/ ٢٠٥٢، رقم ٢٦٦٤.
(٢) مجموع الفتاوى ٨/ ٣٧.

<<  <   >  >>