للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بَصِيرٌ} (١) , ومع ذلك طالبهم بطاعته، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} (٢).

وقول الصوفية بأن المحبة تنال هبة بدون عمل وطاعة، مصادمٌ لنصوص الشرع التي جعلت الطاعات سببًا لمحبة الله - عز وجل - للعبد.

قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في الحديث القدسي: «وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيءٍ أحبَّ إليَّ مما افترضتُه عليه، ولا يزال عبدي يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتى أُحبَّه» (٣).

والغاية التي يسعى لها ابن عجيبة من لهج اللسان بالذكر هي الوصول إلى وحدة الوجود، ويتضح ذلك من قوله في دوام ذكر الاسم المفرد: "فكُلَّما فني فيه ذابت بشريته، وقويت روحانيته، حتى تستولي على بشريته فحينئذ يكون الحكم لها" (٤)، وهذا هو الذي صرَّح به بقوله: "شراب المحبة هو خمرة الفناء، والغيبة في الله" (٥).

وأما التقسيمات التي ذكرها في المحبة، فباطلة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وهذه الأعمال الباطنة كمحبة الله والإخلاص له والتوكل عليه والرضا عنه ونحو ذلك كلها مأمور بها في حق الخاصة والعامة لا يكون تركها محمودًا في حال أحد وإن ارتقى مقامه ... وهي حسنة محبوبة في حق كل أحد من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، ومن قال إنَّ هذه المقامات تكون للعامة دون الخاصة فقد غلط في ذلك إن أراد خروج الخاصة عنها فإنَّ هذه لا يخرج عنها مؤمن قط وإنما


(١) سورة الحج: ٧٥.
(٢) سورة الأنبياء: ٥١.
(٣) أخرجه البخاري، كتاب الرقاق، باب التواضع، ٤/ ١٩٢، رقم ٦٥٠٢.
(٤) إيقاظ الهمم، ص ٢٥١.
(٥) البحر المديد ٤/ ١٤٢.

<<  <   >  >>