للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم شرع بشرحها فقال: "فهذا شرحٌ لطيفٌ على تصلية القطب الجامع، سيدي عبد السلام ابن مشيش نفعنا الله بذكره، وأفاض علينا من صيِّب فيضه آمين، ندبني إليه شيخنا العارف الرباني، قدوة السائرين، ومربي الواصلين، سيدي محمد بن أحمد البوزيدي الحسني، فأجبته إلى ذلك، رجاء التحقيق بمحبته، والشرب من فيض مدده" (١).

ويقول في موضع آخر منافحًا عنهم: "قد رُمي كثيرٌ من الأولياء المحققين بالاتحاد والحلول كابن العربي الحاتمي، وابن الفارض، وابن سبعين (٢)، والششتري والحلاج، وغيرهم وهم بُرَآء منه؛ وسبب ذلك أنهم لما خاضوا بحار التوحيد، وكوشفوا بأسرار التفريد، أو أسرار المعاني قائمة بالأواني، سارية في كل شيء، ماحية لكل شيء، ... فأرادوا أن يعبروا عن تلك المعاني فضاقت عبارتهم عنها؛ لأنها خارجة عن مدارك العقول، لا تدرك بالسطور ولا بالنقول، وإنما هي أذواق ووجدان، فمن عبر عنها بعبارة اللسان كفر وزندق، وهذه المعاني هي الخمرة الأزلية التي كانت خفيَّة لطيفة، ثم ظهرت محاسنها، وأبدت أنوارها وأسرارها، وهي أسرار الذات وأنوار الصفات، فمن عرفها وكوشف بها اتحد عنده الوجود، وأفضى إلى مقام الشُّهود، وهي منزَّهة عن الحلول والاتحاد، إذ لا ثاني لها حتى تحل فيه أو تتحد معه" (٣).

ولذلك يرى أن من أفشى سرَّ الربوبية -ويقصد به وحدة الوجود- قُتل.


(١) شرح صلاة القطب ابن مشيش، ص ١٠.
(٢) هو: أبو محمد، عبد الحق بن إبراهيم بن محمد بن نصر بن محمد بن سبعين، قطب الدين المرسي الرقوطي الصوفي، صوفيٌّ على قواعد الفلاسفة، كلامه تعقل مفرداته، ولا تعقل مركباته، له السبعينية، توفي سنة ٦٦٩ هـ. ينظر: الوافي بالوفيات ١٨/ ٣٧.
(٣) البحر المديد ٢/ ٢١.

<<  <   >  >>