للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيقول: "كل من أفشى سرَّ الربوبية سلَّط الله عليه سيف الشريعة، فيباح دمه، ويهتك عرضه، كما وقع للحلاج وغيره ... والمراد بسرِّ الربوبية: التوحيد الخاص الذي هو الشُّهود والعيان المخصوص بأهل العرفان" (١).

وكيف يمدح من طفحت مقالاتهم بوحدة الوجود التي آلت بهم إلى الإيمان بوحدة الأديان، وأنَّ جميع الخلق على صراطٍ مستقيم، وأنَّ الخلق هو الحق، وتصويب كل كفر، ومنهم من زعم أنه يلاقي الله مرَّة كل شهر عند ادعائه للولاية (٢) (٣).

ولقد أُولع من انتموا للتصوف بتعظيم هؤلاء القوم، ودافعوا عنهم، وغضبوا لغضبهم، وكان الواجب عليهم أن يكون غضبهم لربهم إذا انتهكت حُرماته لا لبشر غير معصوم من الزلل، فهؤلاء شرٌّ من الفلاسفة الذين يكذبون الله ورسله، ويقولون بقدم العالم وينكرون البعث.

ومع ذلك فلا يشهد على أعيانهم بكفر (٤)، ولا إيمان لجواز توبتهم قبل الموت، وأمرهم مُشكل وحسابهم على الله، أمَّا مقالاتهم فلا ريب أنها شرٌّ من الشرك (٥).

ولا ريب أنَّ المطالع لكتب ابن عربي بعين الإنصاف يجدها مشحونة بصريح الكفر، فمن أردأ تواليفه كتاب فصوص الحكم الذي إن لم يكن فيه كفر فما في


(١) شرح قصيدة يامن تعاظم، ص ٢٠ - ٢٢.
(٢) قال ابن عربي: "ولا تشغله الولاية عن المثول بين أيدينا شهرًا بشهر إلى انقضاء العمر". الفتوحات المكية ١٢/ ١٢١.
(٣) ينظر: مصرع التصوف، ص ١٩، ٣٠، هذه الصوفية، ص ٢٥.
(٤) أفتى القاضي محمد بن يوسف المتوفى سنة ٣٢٠ هـ بقتل الحلاج، وحكم القاضي إبراهيم بن الفضل بن حيان الحلواني المتوفى سنة ٣٢١ هـ بكفر الحلاج الذي ادعى الحلول وقال عنه: كتب كتبًا فيها من الطلاسم والرموز والإشارات ما يوجب كفره. ينظر: سير أعلام النبلاء ١٤/ ٣٣٩، ٣٥١.
(٥) ينظر: البحر المحيط ٣/ ٤٤٩، تاريخ الإسلام ٤٩/ ٢٨٤.

<<  <   >  >>