للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدنيا كفر، والله أعلم بما مات عليه (١).

ولقد بيَّن القاري (٢) نتيجة الرياضة عند ابن عربي في كتابه الفصوص وأنها القول بالحلول والاتحاد: "وقد صرَّح في الفصوص بأنَّ الرياضة إذا كملت اختلط ناسوت صاحبها بلاهوت الله، وهذا هو عين مذهب النصارى، حيث قالوا: امتزجت الكلمة بعيسى امتزاج الماء باللبن، فاختلط ناسوته بلاهوت الله سبحانه، حتى ادعوا أنه ابن الله, تعالى شأنه وتعظَّم سلطانه" (٣).

وصرَّح ابن سبعين كذلك بكلام كفري، مفاده أنَّ الكائنات الدنسة هي الله، -تعالى الله عمَّا يقول علوًّا كبيرًا- فقال: "اختلط الله في الإحاطة الزوج مع الفرد، واتحد النَّجو (٤) مع الورد" (٥).

ولا ريب أنَّ هذه المواقف من أعلامهم تسبَّبت بظهور بدع شنيعة في بلاد المغرب وغيرها منذ أعصار متطاولة لا سيَّما في المائة العاشرة وما بعدها، فقدَّسوا أضرحة الشيوخ (٦)، وجعلوها أوثانًا تُعبد من دون الله، فمن بدعهم الشنيعة محاكاتهم


(١) ينظر: سير أعلام النبلاء ٢٣/ ٤٨.
(٢) هو: علي بن سلطان الهروي القاري الحنفي، ولد بالعراق، ورحل إلى مكة واستقرَّ بها، توفي سنة ١٠١٤، ينظر: البدر الطالع ١/ ٤٤٥، معجم المؤلفين ٧/ ١٠٠.
(٣) الرد على القائلين بوحدة الوجود، ص ٣٢.
(٤) النجو: ما يخرج من البطن من بول، وريح، وغائط، ينظر: القاموس الفقهي ١/ ٣٠٦، المصباح المنير ١/ ٣٤٩.
(٥) رسائل ابن سبعين، ص ١٤٣.
(٦) مثل ضريح الجزولي في مراكش الذي يزدحم عليه الناس ويقصدونه في قضاء الحاجات كما سوَّل لهم الشيطان، والعياذ بالله. ينظر: الطريقة الجزولية, ص ٥٨، تعطير الأنفاس في التعريف بالشيخ أبي العباس، لابن الموقت، ص ٩٨ - ٩٩، وكذلك ضريح ابن عجيبة في قرية الزميج، ومعتقد أهل القرية بأن الأرزاق تأتيهم ببركة السيد (يعني ابن عجيبة) وهذا القول: سمعته من المريدين عند زيارتي لهذه القرية.

<<  <   >  >>