للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ابن تيمية - رحمه الله -: "فإنَّ المذاهب قد ظهرت بعد القرون المفضَّلة رويدًا رويدًا، وكان أصحابها الأولون قد انفردوا بما أتوا من الزهد والورع، الذي لم يكن عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه - رضي الله عنهم -، ومن تبعهم بإحسان، وإلى هذا يشير قول الله تعالى: {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} (١) " (٢).

وقال ابن أبي العز: "والرهبانُ وهم جُهَّال المتصوفة، المعترضون على حقائق الإيمان والشرع، بالأذواق والمواجيد والخيالات والكشوفات الباطلة الشيطانية، المتضمِّنة شرع دين لم يأذن به الله، وإبطال دينه الذي شرعه على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم - والتعوض عن حقائق الإيمان بخُدع الشيطان وحظوظ النَّفس" (٣).

ويقول أيضًا: "وأكثر المنحرفين من العبَّاد من المتصوفة ونحوهم فيهم شبه من النصارى، ولهذا يميلون إلى نوع من الرهبانية والحلول والاتحاد" (٤).

وقد مال ابن عجيبة إلى الطريقة الشاذلية وزعم أنها تسير بين الحقيقة والشريعة حتى يقع التمكين والاعتدال، بل قال زورًا وبهتانًا أنها هي التي تقوم عليها السَّاعة، وينزل عيسى ابن مريم ويجد منها خلقًا من حواريه (٥).

فهو الداعي إلى الطريقة الدرقاوية (٦) الشاذلية، وهو المتحدث باسم الدرقاوية، والمدافع عن مبادئها قولًا وفعلًا، وكتابة (٧).


(١) سورة الحديد: ٢٧.
(٢) الصوفية والفقراء، ص ٥، وينظر: مجموع الفتاوى ١٠/ ١٩٧.
(٣) شرح العقيدة الطحاوية، ص ٢٠٤.
(٤) المرجع نفسه، ص ٥٢٦.
(٥) ينظر: الفتوحات الإلهية، ص ١٥.
(٦) سيأتي الحديث عنها في مبحث مستقل من الكتاب.
(٧) ينظر: إشكالية إصلاح الفكر الصوفي، ص ١٠٤.

<<  <   >  >>