للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يُحذِّر أصحابه وسائر أُمَّته من سوء صنيع الأمم قبله، الذين صلوا إلى قبور أنبيائهم، واتخذوها قبلة ومسجدًا، كما صنعت الوثنية بالأوثان التي كانوا يسجدون إليها ويعظمونها، وذلك الشرك الأكبر، فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخبرهم بما في ذلك من سخط الله وغضبه، وأنه مما لا يرضاه خشية عليهم من امتثال طرقهم" (١).

ج- من الإجماع: "لا يتردد مؤمنٌ يعلم هذا في تحريم ذلك، ولا يعتبر من الخلاف ... وما خالف فيما نُقل عن العلماء إلا يحيى الزيدي (٢) حيث قال: " يجوز بناء القباب والمساجد على قبور أهل الفضل لاستعمال المسلمين ذلك، ولم ينكروه" (٣)، ولكن لا يلتفت لقوله، ولا يقدح في الإجماع بل الإجماع قادح فيه.

ويُرَدُّ على هذا المخالف من سبعة أوجه:

أولًا: مخالفته لما جاء عن رسول - صلى الله عليه وسلم - كما تقدَّم في حديث اللَّعن واشتداد الغضب وغيرهما من أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بهدمها وتسويتها.

ثانيًا: مخالفته لفعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} (٤).

والآية دالَّةٌ على عدم جواز مخالفة أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونقض الإجماع.

قال ابن كثير - رحمه الله -: "ومن سلك غير طريق الشريعة التي جاء بها الرسول - صلى الله عليه وسلم -،


(١) التمهيد ٥/ ٤٥.
(٢) هو: يحيى بن حمزة بن علي بن إبراهيم بن محمد بن إدريس الزيدي، ولد بصنعاء في ٢٧ صفر سنة ٦٦٩ هـ، له مؤلفات منها: الحاوي في الفقه، المحصل في شرح أسرار المفصل، مات سنة ٧٠٥ هـ بمدينة ذمار ودفن بها. ينظر: البدر الطالع ٢/ ٣٣١.
(٣) البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار ٢/ ١٣٢.
(٤) سورة النساء: ١١٥.

<<  <   >  >>