للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

استحسنه العربي الدرقاوي (١)، ووصف المعسكري الذكر عند العربي الدرقاوي بقوله: كانت حلقات الذكر عنده هي أسس الوسائل وأسمى الفضائل (٢).

ولا شكَّ أنَّ إطلاق مرجعيتها إلى الكتاب والسُّنَّة يتنافى مع واقعهم الاعتقادي والسُّلوكي، فكيف بمن كانت عقائدهم الحلول ووحدة الوجود، وتقديس الأولياء، والاعتقاد فيهم أنهم يعلمون الغيب، ويتصرفون في الكون، وأنَّ فيهم أقطابًا وأوتادًا يستغاث بهم من دون الله - عز وجل -، ومؤلفاتهم تدينهم بالضلال، كيف يجتمع هذا مع ادعاء الرُّجوع إلى الكتاب والسُّنَّة؟

ولهذا لا يرتاب المسلم في أنَّ أصحاب هذه الطرق خارجون عن السُّنَّة بعيدون عنها، فمن ادَّعى أن عمله وفق سيرة السَّلف الصالح فليأت بدليل ولن يجد، فهؤلاء القوم حينما غلب عليهم الهوى مع الجهل بطريقة أهل السُّنَّة، توهموا أنَّ ما ظهر لهم بعقولهم هو الطريق القويم دون غيره، فساروا عليه، فحادوا بسببه عن الطريق المستقيم، فهم ضالون من حيث ظنوا أنهم راكبون للجادة، كالذي يمر بالليل على الجادة، وليس له دليل يهديه، فيوشك أن يضل عنها فيقع في متاهة، وإن كان بزعمه يتحرَّى قصدها، فالمبتدع من هذه الأُمَّة إنما ضلَّ في أدلتها حيث أخذها مأخذ الهوى والشهوة، لا مأخذ الانقياد تحت أحكام الله - عز وجل - (٣).

قال البربهاري - رحمه الله -: "واعلم أنَّ الناس لو وقفوا عند محدثات الأمور، ولم يجاوزوها بشيء، ولم يولدوا كلامًا مما لم يجئ فيه أثر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا عن أصحابه - رضي الله عنهم - لم تكن بدعة" (٤).


(١) شورا الطوية في مذهب الصوفية، مخطوط، ل/٣١.
(٢) كنز الأسرار في مناقب العربي الدرقاوي، مخطوط، ل/٣١.
(٣) ينظر: الاعتصام ١/ ١٣٤.
(٤) شرح السُّنَّة، ص ٤٦.

<<  <   >  >>