للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كان طوائف من المشهورين بالفقه والتصوف يطلقون هذه العبارات الإسلامية بالتفاسير الفلسفية القرمطية" (١)، وبهذا حادوا عن متابعة السابقين الأولين.

قال ابن تيمية - رحمه الله -: "وأما المتأخرون الذين لم يتحروا متابعتهم وسلوك سبيلهم ولا لهم خبرة بأقوالهم وأفعالهم بل هم في كثير مما يتكلمون به في العلم ويعملون به لا يعرفون طريق الصحابة - رضي الله عنهم - والتابعين في ذلك من أهل الكلام والرأي والزهد والتصوف، فهؤلاء تجد عمدتهم في كثير من الأمور المهمة في الدين إنما هو عمَّا يظنونه من الإجماع وهم لا يعرفون في ذلك أقوال السلف البتة أو عرفوا بعضها ولم يعرفوا سائرها" (٢).

وبهذا يظهر أن تأويل ابن عجيبة في ألفاظ القرآن لا أصلَ له.

قال الشاطبي - رحمه الله -: "ولا يعرفه العرب، لا من آمن منهم ولا من كفر، والدليل على ذلك أنه لم ينقل عن السلف الصالح من الصحابة والتابعين تفسير للقرآن أو يقاربه، ولو كان عندهم معروفًا لنقل؛ لأنهم كانوا أحرى بفهم ظاهر القرآن وباطنه باتفاق الأئمة، ولا يأتي آخر هذه الأُمَّة بأهدى مما كان عليه أولها، ولا هم أعرف بالشريعة منهم، ولا أيضًا ثَّم دليل يدل على صحة هذا التفسير، لا من مساق الآية؛ فإنه ينافيه، ولا من خارج؛ إذ لا دليل عليه كذلك، بل مثل هذا أقرب إلى ما ثبت رده ونفيه عن القرآن من كلام الباطنية ومن أشبههم" (٣).

ومن تأمل أقوال ابن عجيبة في تفسيره يجد أن معاني القرآن تنكشف - بزعمه- على حسب الاستعداد الروحي بحثًا عن المعنى الباطن، ولقد صرَّح بذلك في


(١) بغية المرتاد، ص ١٨٤.
(٢) مجموع الفتاوى ١٣/ ٢٥.
(٣) الموافقات ٤/ ٢٤٨.

<<  <   >  >>