للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما أنَّ القرآن العظيم نزل بلسان عربي مبين، وكل معنى يستنبط من القرآن غير جار على اللسان العربي فليس من علوم القرآن من شيء، و"للقرآن عرف ومعان معهودة لا يناسبه تفسيرها بغيرها، ولا يجوز تفسيره بغير عرفه، والمعهود من معانيه، فإنَّ نسبة معانيه إلى المعاني كنسبة ألفاظه إلى الألفاظ بل أعظم، كما أن ألفاظه ملوك الألفاظ وأجلها وأوضحها، ولها من الفصاحة أعلى مراتبها التي تعجز عنها قدر العالمين، فكذلك معانيه أجل المعاني وأعظمها وأفخمها، فلا يجوز تفسيرها بغيرها من المعاني التي لا تليق به" (١).

ورضي الله - عز وجل - عن صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذين نقلوا إلينا القرآن والسُّنَّة لفظًا ومعنى وكانوا معه - صلى الله عليه وسلم - والوحي ينزل عليه.

قال الشافعي - رحمه الله -: "أدوا إلينا سنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وشاهدوه والوحي ينزل عليه فعلموا ما أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عامًّا وخاصًّا وعزمًا وإرشادًا وعرفوا من سنته ما عرفنا وجهلنا وهم فوقنا في كلِّ علم واجتهاد وورع وعقل وأمر استدرك به علم واستنبط به، وآراؤهم لنا أحمدُ وأولى بنا من رأينا عند أنفسنا ومن أدركنا ممن يرضى، أو حكي لنا عنه ببلدنا" (٢).

وقد أخرج ابن عجيبة ألفاظ الوحي إلى معانٍ خاصَّة لا يعلمها إلا أصحاب الذوق -بزعمه-، "وقد علم بالاضطرار أن ما يفسرون به كلام الله - عز وجل - وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم - بل وكلام غيرهما ليس داخلًا في مرادهم فضلًا عن أن يكون هو المراد، بل غالب تفاسيرهم منافية لما أراد الله - عز وجل -، إمَّا من ذلك اللفظ وإما من غيره، وإن


(١) التفسير القيم، ص ٢٦٩، وينظر: الموافقات ٣/ ٢٣٥.
(٢) إعلام الموقعين عن رب العالمين ١/ ٨١.

<<  <   >  >>