كنت ترجو أَن تكون خَليفَة وَلست هُنَاكَ فَقَالَ الْحسن إِنَّمَا الْخَلِيفَة من سَار بسيرة نَبِي الله
وَعمل بِطَاعَة الله تَعَالَى وَلَيْسَ الْخَلِيفَة من دَان بالجور وعطل السّنَن وَاتخذ الدُّنْيَا أَبَا وَأما وَلَكِن ذَاك ملك أصَاب ملكا تمتّع بِهِ قَلِيلا وَكَانَ قد انْقَطع عَنهُ فتعجل لذته وَبقيت عَلَيْهِ تَبعته فَكَانَ كَمَا قَالَ الله تَعَالَى {وَإِن أَدْرِي لَعَلَّه فتْنَة لكم ومتاع إِلَى حِين} الْأَنْبِيَاء ١١١ ثمَّ انْصَرف فَقَالَ مُعَاوِيَة لعَمْرو وَالله مَا أردْت إِلَّا هتكي مَا كَانَ أهل الشَّام يرَوْنَ أَن أحدا مثيلي حَتَّى سمعُوا من الْحسن مَا سمعُوا وَقدم عَلَيْهِ مرّة أُخْرَى فَوجدَ عِنْده عَمْرو بن الْعَاصِ ومروان بن الحكم والمغيرة بن شُعْبَة وصناديد قومه ووجوه أهل الْيمن وَأهل الشَّام فَلَمَّا نظر إِلَيْهِ مُعَاوِيَة وثب وَأَقْعَدَهُ على سَرِيره وَأَقْبل عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ يُرِيد السرُور بمقدمه فَلَمَّا نظر مَرْوَان إِلَى ذَلِك حسده وَكَانَ مُعَاوِيَة قد قَالَ لَهُم لَا تحاوروا هذَيْن الرجلَيْن يَعْنِي الْحسن وَابْن عَبَّاس فَلَقَد قلداكم الْعَار وفضحاكم عِنْد أهل الشَّام فَقَالَ مَرْوَان يَا حسن لَوْلَا صلَة أَمِير الْمُؤمنِينَ وَمَا قد بني لَهُ آباؤه الْكِرَام من الْمحل والْعَلَاء مَا أقعدك هَذَا المقعد ولقتلك وَأَنت لَهُ مستوجب بقودك الجماهير فَلَمَّا أحسست بِنَا وَعلمت أَن لَا طَاقَة لَك بفرسان أهل الشَّام وصناديد بني أُميَّة أذعنت بِالطَّاعَةِ واحتجزت بالبيعة وَبعثت تطلب الْأمان أما وَالله لَوْلَا ذَاك لأريق دمك وَعلمت أَنا نعطي السيوف حَقّهَا عِنْد الوغى فاحمد الله تَعَالَى إِذا ابتلاك بِمُعَاوِيَة فَعَفَا عَنْك ثمَّ صنع بك مَا ترى فَنظر إِلَيْهِ الْحسن فَقَالَ وَيحك يَا مَرْوَان لقد تقلدت مقاليد الْعَار فِي الحروب عِنْد مشاهدتها والمحاولة عِنْد مخالطتها نَحن هبلتك الهوابل لنا الْحجَج البوالغ وَلنَا إِن شكرتم عَلَيْكُم النعم السوابغ ندعوكم إِلَى النجَاة وتدعوننا إِلَى النَّار فشتان مَا بَين المنزلتين تَفْخَر ببني أُميَّة وتزعم أَنهم صُبر فِي الحروب أَسد عِنْد اللِّقَاء ثكلتك أمك أُولَئِكَ البهاليل السَّادة والحماة القادة بَنو عبد الْمطلب أما وَالله لقد رَأَيْتهمْ وَجَمِيع من فِي هَذَا الْبَيْت مَا هالتهم الْأَهْوَال وَلم يحيدوا عَن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute