أَبُو إِسْحَاق بن الواثق هَارُون بن المعتصم بن الرشيد بن الْمهْدي بن الْمَنْصُور الْخَلِيفَة الصَّالح ولد فِي خلَافَة جده سنة بضع عشرَة وَمِائَتَيْنِ وبويع بالخلافة لليلة بقيت من رَجَب سنة خمس وَخمسين وَمِائَتَيْنِ وَمَا قبل بيعَة أحد حَتَّى أَتَى إِلَيْهِ بالممعتز قبل قَتله فَلَمَّا رَآهُ قَامَ لَهُ وَسلم على المعتز بالخلافة وَجلسَ بَين يَدَيْهِ فجيء بالشهود وَالْقَاضِي ابْن أبي الشَّوَارِب فَشَهِدُوا على المعتز أَنه عَاجز عَن الْخلَافَة واعترف بذلك وَمد يَده وَبَايع الْمُهْتَدي فارتفع حِينَئِذٍ الْمُهْتَدي إِلَى صدر الدِّيوَان وَقَالَ لَا يجْتَمع سيفان فِي غمد وتمثل بقول أبي ذُؤَيْب من // (الطَّوِيل) //
وَكَانَ الْمُهْتَدي بِاللَّه أسمر رَقِيقا مليح الْوَجْه ورعاً متعبدَاً عادلا قَوِيا فِي أَمر الله تَعَالَى بطلا شجاعاً لكنه لم يجد ناصراً وَلَا معينا على الْحق وَالْخَيْر قَالَ أَبُو بكر بن الْخَطِيب قَالَ أَبُو مُوسَى العباسي لم يزل صَائِما مُنْذُ ولي إِلَى أَن قتل قَالَ الْعَبَّاس بن هَاشم بن الْقَاسِم كنت بِحَضْرَة الْمُهْتَدي عَشِيَّة فِي رَمَضَان فَوَثَبت لأنصرف فَقَالَ لي اجْلِسْ فَجَلَست وَتقدم فصلى بِنَا ثمَّ دَعَا بِالطَّعَامِ فَإِذا طبق عَلَيْهِ خبز وآنية فِيهَا ملح وخل وزيت فدعاني إِلَى الْأكل فَقَالَ كل وَاسْتَوْفِ فَلَيْسَ هَهُنَا من الطَّعَام غير مَا ترى فعجبت ثمَّ قلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قد أَسْبغ الله نعْمَته عَلَيْك فَقَالَ إِن الْأَمر على مَا وصفت وَلَكِنِّي فَكرت فِي أَنه كَانَ فِي بني أُميَّة عمر بن عبد الْعَزِيز فَكَانَ من التقلل والتقشف على مَا بلغك فغرت على بني هَاشم فَأخذت نَفسِي بِمَا رَأَيْت وَقَالَ ابْن عَرَفَة النَّحْوِيّ حَدثنِي بعض الهاشميين قَالَ كَانَ للمهتدي سفط فِيهِ