كَيفَ يصنع فِي ذَلِك فاستعان على هضم جَانب أَخِيه بِصَاحِب مصر يومئذٍ أَحْمد بن طولون وَكَانَ ملكا شجاعاً فاتكاً صَاحب جيوش وجنود كثير الْأَمْوَال والخزائن مُسْتقِلّا بمملكة مصر يَأْخُذ خراجها فكاتبه الْمُعْتَمد وَأمره أَن يُقَاتل أَخَاهُ ليخف أمره ويهون بذلك فجرت بَينهمَا حروب اشْتغل بهَا الْمُوفق عَن أَخِيه الْمُعْتَمد وَصَارَ يواليه تَارَة ويداريه ويباعده تَارَة ويدانيه وَمضى على ذَلِك زمَان والموفق بعد مرهن وَكَانَ للموفق ابْن نجيب اسْمه أَحْمد جعله الْمُوفق ولي عده واستعان بِهِ فِي حروبه وَظَهَرت لَهُ نجابة وَقُوَّة فخشي الْمُوفق على نَفسه وعَلى أحيه الْمُعْتَمد لما رأى من شجاعته وبسالته فأودعه بطن الْحَبْس ووكل بِهِ من يَثِق بِهِ فِي أمره وَاسْتمرّ مَحْبُوسًا إِلَى أَن اشْتَدَّ حَال الْمُوفق فِي الْمَرَض فبادر غلمانه إِلَى الْحَبْس وأخرجوا وَلَده أَحْمد مِنْهُ فَلَمَّا رَآهُ الْمُوفق قَالَ يَا وَلَدي لهَذَا الْيَوْم خبأتك وَكَانَ ذَلِك قبل مَوته بِثَلَاثَة وفوض إِلَيْهِ وأوصاه بِعَمِّهِ الْمُعْتَمد خيرا ثمَّ مَاتَ بعد ثَلَاثَة أَيَّام وشمت الْمُعْتَمد بِمَوْت أَخِيه وَظن أَنه استراح وَصفا لَهُ دهره والدهر مَا صفا لأحد من الْبشر وَإِن صروفه تَأتي بالعبر والغير فَمَا حَال عَلَيْهِ الْحول حَتَّى سلب ذَلِك الطول والحول وَلم يكن لَهُ بعد خذلانه النَّاصِر من قُوَّة وَلَا نَاصِر وَتُوفِّي يَوْم الِاثْنَيْنِ لإحدى عشرَة لَيْلَة بقيت من رَجَب سنة تسع وَسبعين وَمِائَتَيْنِ وَكَانَت مُدَّة خِلَافَته اثْنَتَيْنِ وَعشْرين سنة وَأحد عشر شهرا وعمره أَرْبَعُونَ سنة وَسِتَّة أشهر
(خلَافَة المعتضد)
أَحْمد بن الْمُوفق بِاللَّه طلحه بن المتَوَكل بن المعتصم بُويِعَ لَهُ بالخلافة بعد وَفَاة عَمه الْمُعْتَمد فِي تَارِيخ وَفَاته الْمَذْكُور آنِفا أمه أم ولد اسْمهَا صَوَاب كَانَ قَلِيل الرَّحْمَة مهيبا ظَاهر الجبروت وافر الْعقل شجاعَاً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute