للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

مظفراً دَانَتْ لَهُ الْأُمُور فسالمه كل مُخَالف ومعاند شَدِيد السطوة حسن السياسة يقدم على الْأسد وَحده إِذا غضب على أحد أَلْقَاهُ فِي حُفْرَة وطم عَلَيْهِ التُّرَاب وَله تَصَرُّفَات شَتَّى فِي قتل من غضب عَلَيْهِ أسقط المكوس وَرفع الْمَظَالِم عَن الرّعية وَأظْهر عز الْملك بعد مَا ذل ووهت وجدد ملك بني الْعَبَّاس وَفِي ذَلِك يَقُول عبد الله بن المعتز من // (السَّرِيع) //

(أَمَا تَرَى مُلْك بَنِي هَاشِم ... عَادَ عَزِيزًا بَعْدَ مَا ذُلِّلا)

(يَا طالِبَ المُلْكِ فَكُنْ مِثْلهُ ... تسْتَوجِبِ المُلْك وَإِلَاّ فَلَا)

وَفِيه يَقُول أَبُو الْعَبَّاس عَليّ بن الرُّومِي من // (الطَّوِيل) //

(هَنِئًا بَنِي الْعَبَّاسِ إِنَّ إِمَامَكُمْ ... إِمامُ الْهدَى وَالْبَأْسِ والجودِ أَحْمَدُ)

(كَما بِأَبي العَبَّاسِ أسِّسَ مُلْكُكُمْ ... كَذَا بِأَبي العَبَّاسِ أيْضًا يُجَدَّدُ)

(إِمَامٌ يظَلُّ الْأَمْسُ يَشْكُو فِرَاقَهُ ... تأسُّفَ مَلْهُوفٍ وَيَشْتَاقُهُ الْغَدُ)

وَكَانَ مَعَ سطوته وبأسه يتوخى الْعدْل ويبرز الْمَرْأَة فِي صُورَة الجبروت والعسف وَهُوَ فِي ذَلِك محق فِي الْبَاطِن فَمن ذَلِك مَا روى عَن عبد الله بن حمدون قَالَ خرج المعتضد للصَّيْد يَوْمًا وَأَنا مَعَه فَمر بمقثاة فعاث بعض جنود فِيهَا فصاح صَاحبهَا واستغاث بالمعتضد فَأحْضرهُ وَسَأَلَهُ عَن سَبَب صياحه فَقَالَ ثَلَاثَة من غلمانك نزلُوا المقتاه فأخربوها فَأمر عبيده بإحضارهم فَضرب أَعْنَاقهم وَمضى وَهُوَ يحادثني فَقَالَ لي اصدقني مَا الَّذِي تنكره النَّاس من أحوالي فَقلت لَهُ سفكك للدماء فَقَالَ مَا سفكت دمَاً حَرَامًا قطّ فَقلت بِأَيّ ذَنْب قتلت أَحْمد ابْن الطّيب فَقَالَ دَعَاني إِلَى الْإِلْحَاد فَقتلته لما ظهر لي إلحاده لنصرة الدّين فَقلت فالثلاثة الَّذين نزلُوا المقثاة الْآن فَقَالَ وَالله مَا قَتلتهمْ وَإِنَّمَا ثَلَاثَة من قطاع الطّرق وأوهمت النَّاس أَنهم هم ثمَّ أحضر صَاحب الشرطة فَأمره بإحضار الثَّلَاثَة الَّذين نزلُوا المقثاة فأحضرهم وشاهدتهم ثمَّ أَمر بإعادتهم إِلَى الْحَبْس وَهَكَذَا يَنْبَغِي تَدْبِير السياسة وَإِظْهَار النصفة وتخويف الْجند

<<  <  ج: ص:  >  >>