(ثمَّ عَاد الْملك النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون)
إِلَى السلطنة ثَانِيًا وَفِيه يَقُول الوداعي من السَّرِيع
(أَلمَلِك النَّاصِرُ قَدْ أَقْبَلَتْ ... دَوْلَتُهُ مُشْرِقَةَ الشَّمسِ)
(عادَ إِلى كُرْسِيِّهِ مِثْلَ مَا ... عَادَ سُلَيْمَانُ إِلى الكُرْسِي)
وَاسْتمرّ إِلَى أَن تجهز لقِتَال التتار فانكسر فَرجع إِلَى مصر ثمَّ تجهز للقائهم أَيْضا فكسرهم وَهَزَمَهُمْ وَنصر الله الْإِسْلَام وَأَهله ثمَّ عَاد إِلَى مصر فتنكر عَلَيْهِ صَاحب سلال وأستاداره بيبرس الجاشنكير ودام ذَلِك التكدر بَينهم إِلَى أَن أظهر فِي رَمَضَان سنة ثَمَان وَسَبْعمائة التوجُّه إِلَى الْحجاز وَخرج من الْقَاهِرَة وَتوجه إِلَى الكرك متبرماً مِنْهُمَا وَأعْرض عَن ملك مصر فروجع فِي ذَلِك فَأبى فَكَانَت مدَّته عشْرين سنة فاتفق الْأُمَرَاء على سلطنة بيبرس الجاشنكير وسلطنوه فتسلطن
[بيبرس الجاشنكير]
ولقبوه بِالْملكِ المظفر تسلطن عَام ثَمَان وَسَبْعمائة بعد خلع النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون وعيب بِهِ فِي الْإِرْسَال إِلَى الكرك وتطلب الْأَمْوَال مِنْهُ حَتَّى إِن النَّاصِر تأدب مَعَه فِي المكاتبات وَكتب لَهُ الْملك المظفر وَهُوَ لم يرجع عَنهُ فَلَمَّا زَاد عَلَيْهِ تحرّك عَلَيْهِ وَكَانَت مماليك أَبِيه النواب بالديار الشامية كلهم مَعَه مَا عدا الأفرم فَإِنَّهُ كَانَ من أعوان الجاشنكير فَأَجَابُوهُ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَة فَتوجه إِلَى الجاشنكير الْمَذْكُور فجبن عَن لِقَائِه لتغير مماليكه وجماعته عَلَيْهِ ثمَّ تسحب من قلعة الْجَبَل والعامة من خَلفه تؤذيه وتريد بِهِ شرا حَتَّى شغلهمْ بنثر الذَّهَب عَلَيْهِم وَتوجه هَارِبا إِلَى الصَّعِيد وَاسْتولى النَّاصِر على الْبَلَد ثمَّ احتال على قَبضه وإحضاره فخنفه بالوتر ثمَّ أطلقهُ وسمه ثمَّ خنقه ثَانِيًا هَكَذَا إِلَى أَن مَاتَ فِي شَوَّال سنة تسع وَسَبْعمائة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute