(الْمَقْصد الثَّالِث فِي ذكر الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة وَذكر خلَافَة الْحسن بن عَليّ رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ خلَافَة أبي بكر الصّديق رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)
قَالَ ابْن إِسْحَاق ابتدىء رَسُول الله
بشكواه الَّتِي قَبضه الله تَعَالَى فِيهَا إِلَى مَا أَرَادَ بِهِ من كرامته وَرَحمته فِي لَيَال بَقينَ من صفر أَو فِي أول شهر ربيع الأول فَكَانَ أول مَا ابْتَدَأَ بِهِ رَسُول الله
من ذَلِك فِيمَا ذكر لي أَنه خرج إِلَى بَقِيع الْغَرْقَد من جَوف اللَّيْل فَاسْتَغْفر لَهُم ثمَّ رَجَعَ إِلَى أَهله فَلَمَّا أصبح ابتدىء بوجعه من يَوْمه ذَلِك قَالَ ابْن إِسْحَاق وحَدثني عبد الله بن عمر عَن عبيد الله بن جُبَير مولى الحكم عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ عَن أبي مويهبة مولى رَسُول الله
قَالَ بعث إِلَيّ رَسُول الله
من جَوف اللَّيْل فَقَالَ يَا أَبَا مويهبة إِنِّي قد أمرت أَن أسْتَغْفر لأهل البقيع فَانْطَلق معي فَانْطَلَقت مَعَه فَلَمَّا وقف بَين أظهرهم قَالَ السَّلَام عَلَيْكُم يَا أهل الْمَقَابِر لِيهن لكم مَا أَصْبَحْتُم فِيهِ مِمَّا أصبح النَّاس فِيهِ أَقبلت الْفِتَن كَقطع اللَّيْل المظلم تتبع أخراها أولاها الْآخِرَة شَرّ من الأولى ثمَّ أقبل عَليّ فَقَالَ يَا أَبَا مويهة إِنِّي قد أُوتيت مَفَاتِيح خَزَائِن الدُّنْيَا والخلد فِيهَا ثمَّ الْجنَّة فخيرت بَين ذَلِك وَبَين لِقَاء رَبِّي وَالْجنَّة قَالَ أَبُو مويهة فَقلت بِأبي أَنْت وَأمي فَخذ مَفَاتِيح خَزَائِن الدُّنْيَا والخلد فِيهَا ثمَّ الْجنَّة قَالَ لَا وَالله يَا أَبَا مويهبة لقد اخْتَرْت لِقَاء رَبِّي وَالْجنَّة ثمَّ اسْتغْفر لأهل البقيع وَانْصَرف فَبَدَأَ بِهِ فِي صَبِيحَة ذَلِك الْيَوْم وَجَعه الَّذِي قَبضه الله فِيهِ وَعَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت لما رَجَعَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام من البقيع وجدني وَأَنا أجد صداعَاً فِي رَأْسِي وَأَنا أَقُول وارأساه فَقَالَ بل أَنا وَالله