الدعْوَة لسَيِّده الْمعز الفاطمي وَبَايَعَهُ النَّاس على ذَلِك وانقطعت الْخطْبَة بِمصْر عَن بني الْعَبَّاس وَشرع فِي بِنَاء الْقَاهِرَة والقصرين ثمَّ دخل الْمعز بِنَفسِهِ مصر لثمان بَقينَ من شهر رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وثلاثمائة كَمَا سنذكر ذَلِك عِنْد فتح مصر فِي الْبَاب الثَّالِث الْمَعْقُود للدولة الفاطمية إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَلما تغلب سبكتكين التركي وَهُوَ غُلَام معز الدولة وقويت شوكته ونفذت كَلمته وانضاف إِلَى ذَلِك مَا لحق الْمُطِيع من الفالج وَالْمَرَض خلع نَفسه طَائِعا من الْخلَافَة وَسلمهَا لوَلَده الطائع عبد الْكَرِيم وَقيل أَبُو بكر ولقبه الطائع لله وَذَلِكَ فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وثلاثمائة ثمَّ توفّي سنة أَربع وَسِتِّينَ وَكَانَت خِلَافَته تسعا وَعشْرين سنة وَسِتَّة أشهر وَأحد عشر يَوْمًا وعمره تسع وَخَمْسُونَ سنة وَسَبْعَة أشهر وَاثْنَانِ وَعِشْرُونَ يَوْمًا
(خلَافَة الطائع لله)
عبد الْكَرِيم بن الْمُطِيع الْفضل بن المقتدر بن المعتضد بُويِعَ لَهُ بالخلافة وَالْأَمر مغلوب عَلَيْهِ وَمَا لَهُ إِلَّا الِاسْم لم يل الْخلَافَة من بني الْعَبَّاس أكبر سنا مِنْهُ كَانَ عمره حِين اسْتخْلف سبعا وَأَرْبَعين سنة وَلم يتقلد الْخلَافَة مِنْهُم من أَبوهُ حَيّ غَيره وَغير أبي بكر الصّديق فِي الْخُلَفَاء رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وعنهم وَلما ولي خلع على بكتكين التركي فولاه مَا وَرَاء بَابه وَفِي أَيَّامه استولى عضد الدولة على بَغْدَاد وملكها فَخلع عَلَيْهِ الطائع وَتوجه بتاج جَوْهَر وطوقة وسوَره وَعقد لَهُ لواءين بِيَدِهِ أَحدهمَا مفضض وَالْآخر مَذْهَب على رسم وُلَاة العهود وَلم يعْهَد هَذَا اللِّوَاء الثَّانِي لغيره وَأمر بِضَرْب الدبادب على بابة صبحاً ومغرباً وعشاء وَأَنه يخْطب لَهُ على مَنَابِر الحضرة وَذَلِكَ بعد محاربة عضد الدولة لِابْنِ عَمه عز الدولة ابْن معز الدولة وظفره بِهِ