للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(خلَافَة مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان)

قَالَ العلَاّمة ابْن خلدون الْحَضْرَمِيّ فِي تَارِيخه الْمُسَمّى بالعِبَر وديوان الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر فِي أَخْبَار الْعَرَب والعجم والبربر كَانَ اتِّفَاق الْجَمَاعَة منتصف سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وسمى ذَلِك الْعَام عَام الْجَمَاعَة عِنْدَمَا نسيث النَّاس النُّبُوَّة والخوارق وَرَجَعُوا إِلَى أَمر العصبية والتغالب وَتعين بَنو أُميَّة للغلب على مُضر وَسَائِر الْعَرَب وَمُعَاوِيَة يَوْمئِذٍ كَبِيرهمْ فَلم تتعده الْخلَافَة وَلَا ساهمه فِيهَا غَيره واستوت قدمه واستفحل شَأْنه واستحكمت فِي مُضر رياسته وتوثق عَهده وَأقَام فِي سُلْطَانه وخلافته عشْرين سنة ينْفق من بضَاعَة السياسة الَّتِي لم يكن أحد من قومه أوفر مِنْهُ فِيهَا يدامل أهل الترشيح من ولد فَاطِمَة وَبني هَاشم وَآل الزبير وأمثالهم ويصانع رُءُوس الْعَرَب وقرون مُضر بالإغضاء وَالِاحْتِمَال وَالصَّبْر على الْأَذَى وَالْمَكْرُوه وَكَانَت غَايَته فِي الْحلم لَا تدْرك وَعَصَاهُ لَا تقرع ومرقاته فِيهِ تزل عَنْهَا الأقدم مِنْهَا مَا روى أَنه مازح عدي بن حَاتِم يومَاً يؤنبه بِصُحْبَة عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فَقَالَ لَهُ عدي وَالله إِن الْقُلُوب الَّتِي أبغضناك بهَا لفي صدورنا وَإِن السيوف الَّتِي قَاتَلْنَاك بهَا لعلى عواتقنا وَلَئِن أدنيت إِلَيْنَا شبْرًا من الشَّرّ لندنين إِلَيْك من الشَّرّ باعا وَإِن حزم الْحُلْقُوم وحشرجة الحيزوم لأهونُ علينا من أَن نسْمع المساءة فِي عَليّ كرم الله تَعَالَى وَجهه السَّيْف يَا مُعَاوِيَة يبْعَث السَّيْف فَقَالَ مُعَاوِيَة هَذِه كَلِمَات حق فاكتبوها وَأَقْبل على عدي بالمقالة مُحدثا أمه هِنْد بنت عتبَة بن ربيعَة بن أُميَّة بن عبد شمس أسلمت يَوْم فتح مَكَّة وبايعت النَّبِي

وَهُوَ على الصَّفَا وَعمر رَضِي الله عَنهُ دونه فَجَاءَتْهُ فِي نسْوَة من قُرَيْش يبايعن على الْإِسْلَام وَعمر رَضِي الله عَنهُ يكلمهن عَن رَسُول الله

فَلَمَّا أَخذ عَلَيْهِنَّ أَن لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّه شَيْئا قَالَت هِنْد قد علمنَا أَنه لَو كَانَ مَعَ الله

<<  <  ج: ص:  >  >>