فِي الْحَوَادِث من أول سنى هجرته إِلَى وَفَاته عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لما دخل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام الْمَدِينَة الشَّرِيفَة أَقَامَ بهَا عشر سِنِين وَقبض فِي الْحَادِيَة عشرَة تتجدد لَهُ فِي كل سنة أُمُور وَشَرَائِع لَا تَنْحَصِر فلنذكر شَيْئا من ذَلِك على التَّرْتِيب نبدأ بِمَا فِي كل سنة من غَزْوَة ثمَّ من سَرِيَّة ثمَّ من غَيرهمَا
٣ - (حوادث السّنة الأولى من الْهِجْرَة)
لما اسْتَقر عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام بِالْمَدِينَةِ وَاجْتمعَ عَلَيْهِ أَصْحَابه وَقَامُوا بنصره وَصَارَت الْمَدِينَة لَهُم دَار إِسْلَام ومعقلاً وملجأ يلجئون إِلَيْهِ شرع الله تَعَالَى جهادَ الْأَعْدَاء فَبعث الْبعُوث والسرايا وغزا وَقَاتل هُوَ وَأَصْحَابه حَتَّى دخل النَّاس فِي دين الله أَفْوَاجًا أَفْوَاجًا وَكَانَ عدد مغازيه الَّتِي خرج فِيهَا بِنَفسِهِ سبعا وَعشْرين قَاتل فِي تسع مِنْهَا بِنَفسِهِ بدر وَأحد والمريسيع وَالْخَنْدَق وَقُرَيْظَة وخيبر وَفتح مَكَّة وحنين والطائف وَهَذَا على قَول من قَالَ إِن مَكَةَ فتحت عنْوَة وَكَانَت سراياه الَّتِي بعث بهَا سبعا وَأَرْبَعين سَرِيَّة وَقيل إِنَّه قَاتل فِي بني النَّضِير قَالَ فِي فتح الْبَارِي السّريَّة بِفَتْح السِّين وَكسر الرَّاء وَتَشْديد التَّحْتِيَّة هِيَ الَّتِي تخرج بِاللَّيْلِ والسارية هِيَ الَّتِي تخرج بِالنَّهَارِ وَقيل سميت بذلك لِأَنَّهَا تخفي ذهابها وَهَذَا يقتضى أَنَّهَا أُخذت من السِّرّ وَلَا يَصح لاخْتِلَاف الْمَادَّة وهى قِطْعَة من الْجَيْش تخرج مِنْهُ وتعود إِلَيْهِ وَهِي من مائَة إِلَى خَمْسمِائَة فَمَا زَاد على خَمْسمِائَة يُقَال لَهُ منسر بالنُّون ثمَّ السِّين الْمُهْملَة فَإِن زَاد على الثَّمَانمِائَة سمي جَيْشًا فَإِن زَاد على أَرْبَعَة آلَاف سمي جحفلاً وَالْخَمِيس الْجَيْش الْعَظِيم وَمَا افترق من السّريَّة يُسمى بَعْثاً والكتيبة مَا اجْتمع وَلم ينتشر