للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ الْعَلامَة الدَّمِيرِيّ فِي حَيَاة الحيون الْكُبْرَى لما تزوَج مُعَاوِيَة مَيْسُونُ بنت بَحْدَل الْكَلْبِيَّة أم يزِيد بن مُعَاوِيَة واتصلت بِهِ وَكَانَت ذَات جمال باهر وَحسن غامر وأعجب بهَا مُعَاوِيَة وهيأ لَهَا قصرَاً مشرفاً على الغوطة وزينه بأنواع الزخارف وَوضع فِيهِ من الْأَوَانِي الْفضة وَالذَّهَب مَا يضاهيه وَنقل إِلَيْهِ من الديباج الرُّومِي الملون والفرش مَا هُوَ لَائِق بِهِ ثمَّ أسكنها مَعَ وصائف لَهَا كأمثال الْحور الْعين فَلبِست يَوْمًا أَفْخَر ثِيَابهَا وتطيبتْ وتزينَتْ بِمَا أعدَ لَهَا من الْحلِيّ والجواهر الَّتِي لَا يُوجد مثلهَا ثمَّ جَلَست فِي روشنها وحولها الوصائف ونظرَتْ إِلَى الغوطة وأشجارها وأنهارها وتجاوب الطير فِي أوكارها واشتمَّتِ الأزهارَ والرياحينَ والنُوَّارَ فتذكرت نجداً وحنَّتْ إِلَى أترابها وأناسها وَذكرت مسْقط رَأسهَا فَبَكَتْ وتنهدت فَقَالَ لَهَا بعض حظاياها مَا يبكيك وَأَنت فِي ملك يضاهي ملك بلقيس فتنفست الصعداء ثمَّ أنشدت // (من والوافر) //

(لبَيْتٌ تَخْفُقُ الأَرْوَاحُ فِيهِ ... أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ قصرٍ مُنِيفِ)

(وَلُبْسُ عباءةٍ وتَقَرَّ عَيْني ... أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ لبسِ الشُّفوفِ)

(وأَكل كسيرةٍ فِي ظلِّ بَيْتِي ... أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أكلِ الرَّغيفِ)

(وأصواتُ الرياحِ بكلِّ فَجٍّ ... أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نقرِ الدُّفوفِ)

(وكلْبٌ ينبحُ الطُّرَّاقَ دوني ... أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ قِطٍّ أَلُوفِ)

(وَبَكْرُ يتبعُ الأظعَانَ صَعْبٌ ... أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ بَعْلٍ زفُوفِ)

(وخرق مِنْ بني عَمي نحِيفٌ ... أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ عِلْجٍ عَنُوفِ)

فَلَمَّا دخل معاوبة عَرفته الحظية بِمَا قَالَت وَقيل إِنَّه سَمعهَا وَهِي تنشد ذَلِك فَقَالَ مَا رضيتْ بنت بَحْدَل حَتَّى جَعَلتني علجاً عنوفاً هِيَ طَالِق ثَلَاثًا مروها فلتأخذ جَمِيع مَا فِي الْقصر فَهُوَ لَهَا ثمَّ سيره إِلَى أَهلهَا بِنَجْد وَكَانَت إِذْ ذَاك حاملَا بِيَزِيد فولدته بالبادية وأرصعته سنتَيْن وليتها لم تَلد وَلم ترْضع ثمَّ أَخذه مُعَاوِيَة مِنْهَا بعد ذَلِك وَذكر الْعَلامَة أَبُو الْقَاسِم الحريري فِي درة الغوص أَن عبيد بن شرية الجرهمي عَاشَ ثَلَاثمِائَة سنة وَأدْركَ الْإِسْلَام فَأسلم وَدخل على مُعَاوِيَة بِالشَّام وَهُوَ خَليفَة فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَة حَدثنِي بِأَعْجَب مَا رَأَيْت فَقَالَ مَرَرْت بِقوم يدفنون مَيتا لَهُم فَلم

<<  <  ج: ص:  >  >>