فوافقوه ثمَّ أَشَارَ بَعضهم بِالرُّجُوعِ إِلَى الْكُوفَة ومناجزة قتلة الْحُسَيْن فأكثرهم هُنَالك فَقَالَ سُلَيْمَان إِنَّمَا قَتله الَّذِي عَبأَ الْجنُود إِلَيْهِ وَمنعه الْأمان حَتَّى يستسلم وَهُوَ ابْن زِيَاد وَمن بعده أَهْون مِنْهُ ولحقه أَمِير الْكُوفَة عبد الله بن يزِيد وبراهيم بن مُحَمَّد فعذلاه فِي الْمسير وأشارا عَلَيْهِ بِالرُّجُوعِ حَتَّى نتجهز جَمِيعًا لهَذَا الْعَدو فنلقاه بِجمع كثيف وَقد كَانَ بَلغهُمْ إقبال عبيد الله بن زِيَاد من الشَّام فِي الْجنُود فَلم يوافقهما سُلَيْمَان وَلَا أَصْحَابه وَسَارُوا لوجههم وتخلف عَنْهُم كثير من أَصْحَابهم وَفِي ذَلِك يَقُول عبد الله بن الْأَحْمَر يحرض من // (الطَّوِيل) //
(صَحَوْتُ وَقد يَصْحُو الصّبَا والغَوَانِيا ... وقُلْتُ لِأَصْحابِي أَجِيبُوا المُنَادِيَا)
(وقُولُوا لَهُ إذْ قامَ يَدْعُو إِلَى الهُدَى ... وقَبْلَ الدُّعا لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ دَاعِيَا)
(أَلا فَانْعَ خيْرَ النَّاس جَدًّا ووالداً ... حُسَيْنَا إِذَا مَا كُنْتَ للدِّينِ نَاعِيَا)
(لِيَبْكِ حسينَاً مجتدٍ ذُو خَصَاصةٍ ... عديمٌ وأَيْتَامٌ تشكِّى المواليا)
(وأضحَى حُسَين للرماحِ دَرِيئَةً ... وغودر ذَا دَرْسَيْنِ بالطَّفِّ ثَاوِيَا)
(فيا ليْتَنِي إِذْ ذاكَ كُنْتُ شهدتُهُ ... فضارَبْتُ عَنهُ الشَّامِتِينَ الأعَادِيَا)
(سَقَى الله أَرضًا ضمَّتِ المجْدَ والثَّنَا ... بِغرْبِيَّةِ الطَّفِّ الغَمَامَ الغوادِيا)
(فيَا أُمَّة تَاهَتْ وضَلَّتْ سَفاهَةً ... أَنِيبُوا فَأَرُْضوا الوَاحِدَ المُتَعَالِيَا)
ثمَّ سَارُوا يقدمهم من ذكر وَعبد الله بن الْأَحْمَر يَقُول من // (الرجز) //
(خَرَجْنَ يلمعْنَ بِنَا أرْسَالَا ... عوابساً تَحْمِلُنا أبْطَالا)
(نُرِيدُ أَنْ نَلْقَى بِهَا القتالَ ... ألقاسِطِينَ الغُدَّرَ الضُّلَاّلَا)
(وَقد رَفَضَنَا الوُلْدَ والأَمْوَالَا ... والخَفِراتِ البِيضَ والحِجَالَا)
(نُرضِي بِهِ ذَا النِّعَمِ المِفْضَالا ... )
ثمَّ انْتَهوا إِلَى قبر الْحُسَيْن فصاحوا وبَكوا وجددوا التَّوْبَة من خذلانه وَأَقَامُوا عِنْده يومَاً وَلَيْلَة فَزَادَهُم ذَلِك حنقاً وبلغهم كتاب عبد الله بن يزِيد يثنيهم عَن الْمسير فَأَبَوا واستماتوا ثمَّ انْتَهوا إِلَى قرقيسيا على تعبئة وَبهَا زفر بن الْحَارِث الْكلابِي متحصناً من مَرْوَان وَقَومه وَدخل إِلَيْهِ الْمسيب بن نجبة يَطْلُبهُ فِي السُّوق لأَصْحَابه فَأمر ابْنه الْهُذيْل فَأخْرج لَهُم سوقاً وَبعث إِلَيْهِم بعلف ودقيق وجزائر