مَا لم نَزَل نعرفك بِهِ من الْفضل وَحسن الْمَذْهَب فَلَا تدعن حَاجَة إِلَّا ذكرتها فَقَالَ إِبْرَاهِيم إِن أولى الْأُمُور أَن تفتتح بِهِ الْحَوَائِج مَا كَانَ فِيهِ لله رضَا وَلحق رَسُوله أَدَاء ولجماعة الْمُسلمين نصيحة قَالَ وَمَا هُوَ قَالَ لَا يُمكن القَوْل إِلَّا وَأَنا خالٍ فأخلني قَالَ أَو دون أبي مُحَمَّد قَالَ نعم فَأَشَارَ عبد الْملك إِلَى الْحجَّاج فَخرج فَقَالَ إِبْرَاهِيم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنَّك عهِدت إِلَى الْحجَّاج مَعَ تغطرسه وتعجرفه وَبعده عَن الْحق وركونه إِلَى الْبَاطِل فوليته الْحَرَمَيْنِ وَبِهِمَا من أَوْلَاد الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار من قد علمت يسومهم الْخَسْف ويقودهم بالعنف ويطؤهم بطغام أهل الشَّام ورعاع لَا روية لَهُم فِي إِقَامَة حق وَلَا فِي إِزَالَة بَاطِل ثمَّ تظن أَن ذَلِك ينجك من عَذَاب الله فَكيف بك إِذا جاثاك مُحَمَّد
لللخصومة ة بَين يَدي الله تَعَالَى وَأما وَالله إِنَّك لن تنجو هُنَالك إِلَّا بِحجَّة تضمنُ لَك النجَاة فَاتق لنَفسك أَو دع وَكَانَ عبد الْملك متكئَاً فَاسْتَوَى وَقَالَ كذبتَ ومِنتَ فِيمَا جئتَ بِهِ وَلَقَد ظَن بك الحجاجُ ظنا لم يجده فِيك فَأَنت المائن الْحَاسِد قَالَ فَقَامَ إِبْرَاهِيم وَهُوَ لَا يبصر شَيْئا فَلَمَّا جَاوز السّتْر لحقه لَاحق وَقَالَ للحاجب امْنَعْ هَذَا من الْخُرُوج وائذن للحجاج فَدخل فَلبث مَلِيًّا قَالَ إِبْرَاهِيم وَلَا أَشك أَنَّهُمَا فِي أَمْرِي ثمَّ خرج الْإِذْن لي فَدخلت فَلَمَّا كشف السّتْر إِذْ أَنا بالحجاج خَارج فاعتنقني وَقبل بَين عَيْني وَقَالَ إِذا جزى الله المتواخيين لفضل تواصلهما فجزاك الله عني أفضل الْجَزَاء وَالله لَئِن بقيت لأرفعن ناظريك ولأتبعن الرِّجَال غُبَار قَدَمَيْك قَالَ قَالَ إِبْرَاهِيم فَقلت فِي نَفسِي إِنَّه ليسخر مني فَلَمَّا وصلت إِلَى عبد الْملك أدنى مجلسي كَمَا فعل أولَا ثمَّ قَالَ يَا بن طَلْحَة هَل أعلمت الْحجَّاج بِمَا جرى أَو شاركَكَ أحد فِي نصيحتك قلت لَا وَالله لَا أعلم أحدا أظهر يَداً من الْحجَّاج وَلَو كنت محابياً أحدَاً بديني لَكَانَ هُوَ وَلَكِنِّي آثرت الله وَرَسُوله وَالْمُسْلِمين فَقَالَ عبد الْملك قد علمت صدق مَقَالَتك وَلَو آثرتَ الدُّنْيَا لَكَانَ لَك فِي الْحجَّاج أَمَلٌ وَقد عزلتُهُ عَن الْحَرَمَيْنِ لما كرهتَ من ولَايَته عَلَيْهِمَا وأخبرته أَنَّك أَنْت الَّذِي استنزلتني لَهُ عَنْهُمَا استصغاراً للولاية ووليته الْعرَاق لما هُنَالك من الْأُمُور الَّتِي لَا يدحضها إِلَّا مثله وَإِنَّمَا قلت ذَلِك ليؤدي مَا يلْزمه من ذِمَامك
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute