بعث عبد الله بن يزِيد بن مُعَاوِيَة إِلَى دمشق فَأَقَامَ بطريقه قَلِيلا ثمَّ بَايع ليزِيد وَأَشَارَ على الْوَلِيد وَأَصْحَابه أَن يلْحق بحمص فيتحصن بهَا قَالَ لَهُ ذَلِك يزِيد بن خَالِد بن يزِيد وَخَالفهُ عبد الله بن عَنْبَسَة وَقَالَ مَا يَنْبَغِي للخليفة أَن يدع عسكره وَحرمه قبل أَن يُقَاتل فَسَار إِلَى قصر النُّعْمَان بن بشير وَمَعَهُ أَرْبَعُونَ من ولد الضَّحَّاك وَغَيرهم وجاءه كتاب الْعَبَّاس بن الْوَلِيد بِأَنَّهُ قادم وَلما وصل عبد الْعَزِيز وَمَنْصُور اللَّذَان أرسلهما يزِيد صُحْبَة الْجَيْش بعث إِلَيْهِ وَإِلَى أَصْحَابه زِيَاد بن الْحصين الْكَلْبِيّ يدعوانهم إِلَى الْكتاب وَالسّنة فَقتله أَصْحَاب الْوَلِيد فقَاتلوهم حِينَئِذٍ وَاشْتَدَّ الْقِتَال بَينهم وَبعث عبد الْعَزِيز بن مَنْصُور بن جُمْهُور لاعتراض الْعَبَّاس بن الْوَلِيد فِي أَن يَأْتِي الْوَلِيد فجَاء بِهِ مَنْصُور كرها إِلَى عبد الْعَزِيز وألزمه الْبيعَة لِأَخِيهِ يزِيد ونصبوا راية باسمه فتفرقْ النَّاس عَن الْوَلِيد واجتمعوا على الْعَبَّاس وَعبد الْعَزِيز وَأرْسل الْوَلِيد إِلَى عبد الْعَزِيز بِخَمْسِينَ ألف دِينَار وَولَايَة حمص مَا بَقِي على أَن ينْصَرف فَأبى ثمَّ قَاتل الْوَلِيد قتالاً شَدِيدا حَتَّى سمع النداء بقتْله وسبه من جَوَانِب الحومة فَدخل الْقصر وأغلق الْبَاب وطَلَبَ الْكَلَام من أَعلَى الْقصر فكالمه يزِيد بن عَنْبَسَة السكْسكِي فَذكره بحقوقة وفعاله فيهم وزيادته فِي أَرْزَاقهم فَقَالَ ابْن عَنْبَسَة مَا ننقم عَلَيْك فِي أَنْفُسنَا وَإِنَّمَا ننقم عَلَيْك فِي انتهاكك مَا حرم الله تَعَالَى وَشرب الْخمر وَنِكَاح أُمَّهَات أَوْلَاد أَبِيك واستخفافك بِأَمْر الله تَعَالَى فَقَالَ حَسبك يَا أَخا السكاسك لقد أكثرت وأغرقْتَ فِيمَا أحل الله سَعَة عَمَّا ذكرتَ ثمَّ رَجَعَ إِلَى الدَّار فَجَلَسَ وَأخذ الْمُصحف يقْرَأ وَقَالَ يَوْم كَيَوْم عُثْمَان فتسوروا عَلَيْهِ وَأخذ يزِيد بن عنبسهّ بِيَدِهِ يَقِيه لَا يُرِيد قَتله وَإِذا بمنصور بن جُمْهُور فِي جمَاعَة مَعَه ضربوه واحتزوا رَأسه وَسَارُوا بِهِ إِلَى يزِيد فَأمر بنصبه فتلطف لَهُ يزِيد بن فَرْوَة فِي الْمَنْع من ذَلِك وقَال هَذَا ابْن عمك وَخَلِيفَة وَإِنَّمَا تنصب رُءُوس الْخَوَارِج وَلَا اَمن أَن يغْضب لَهُ أهل بَيته فَلم يجبهُ يزِيد إِلَى ذَلِك وأطافه بِدِمَشْق على رمح وَبَعثه إِلَى أَخِيه سُلَيْمَان بن يزِيد وَكَانَ مَعَهم عَلَيْهِ وَكَانَ قَتله فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة سِتّ وَعشْرين وَمِائَة كَمَا تقدم ذكر ذَلِك وَلما قتل خطب يزِيد بِالنَّاسِ فذمه وثلبه وَأَنه قَتله لأجل ذَلِك ثمَّ وعدهم بِحسن النّظر والاقتصار عَن النَّفَقَة فِي غير حاجاتهم وسد الثغور وَالْعدْل فِي الْعَطاء
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute