قَالَ ابْن خلكان لما أَدخل ابْن المعتز على المقتدر أَمر بِهِ فَطرح على الثَّلج عُريَانا وحشى سراويله ثلجاً فَلم يزل كَذَلِك والمقتدر يشرب إِلَى أَن مَاتَ فِي ربيع الآخر سنة سِتّ وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ وَعبد الله بن المعتز لقصر زَمَانه لَا يَنْبَغِي عده من الْخُلَفَاء وَلَكِن قد ذَكرْنَاهُ كَمَا ذكره بعض المؤرخين لفضله وأدبه وَهُوَ أشعر بني الْعَبَّاس بل أشعر بني هَاشم على الْإِطْلَاق وأغزرهم فضلَا وأدبَاً ودخولا وَمَعْرِفَة بِعلم الموسيقا وَصَاحب التشبيهات المبتكرة الغريبة المخترعة المرقصة الَّتِي لَا يشق لَهُ فِيهَا غُبَار وَكَانَ يَقُول إِذا قلت كَأَن وَلم أجد تَشْبِيها فَقطع الله لساني قلت مِمَّا أحفظ لعبد الله ابْن المعتز من ذَلِك قَوْله فِي تَشْبِيه الْهلَال والثريا حَيْثُ يَقُول من // (المنسرح) //
(قَدِ انْقَضَتْ دَوْلةُ الصِّيَامِ وَقدْ ... بَشَّرَ سُقْمُ الهِلَالِ بِالْعِيدِ)
(يَتْلُو الثُّريَّا كَفاغِرٍ شَرِهٍ ... يَفْتَحُ فَاهُ لِأَكْلِ عُنْقُودِ)
وَقَوله فِي تَشْبِيه اللَّيْل والهلال والنجوم من // (المنسرح) //
(كَأَنَّمَا اللَّيْلُ وَالهِلَالُ وقَدْ ... لَاحَتْ نُجُومُ السَّماءِ مُنْقَضَّهْ)
(وَأْمٌ مِنَ الزَّنْجِ حوْلهُ ذَهَبٌ ... تبْدُرُ مِنْهُ بنَادِقُ الفِضَّهْ)
وَقَوله من // (الرجز) //
(إِذَا الْهِلالُ فارَقَتْهُ ليْلَتُه ... )
(لِكُلِّ مَنْ يَرْمُقُهُ وَيَنْعَتُهْ ... )
(كَأَنَّهُ أَسْرُ شَابَتْ لِحْيَتُهْ ... )
وَهُوَ صَاحب القصيدة البائية اليتي يفخر فِيهَا على بني هَاشم ويدعى أَوْلَوِيَّة الْخلَافَة ببني الْعَبَّاس وَهُوَ فِي ذَلِك ظَالِم وَهِي قَوْله من // (المتقارب) //
(أَلَا مَنْ لِعَيْنٍ وتَسْكَابِهَا ... تُشَكِّي القَذا وبُكاهَا بِها)
(ترَامتْ بِنَا حَادِثاتُ الزَّمَانِ تَرَامِى ... القِسِيِّ بِنشَّابِهَا)
(وَيَا رُبَّ ألْسِنةٍ كَالسُّيوفِ ... تُقَطِّعُ أَرْقابَ أَصْحَابِها)
(وَكم دُهِيَ المرءُ مِن نفسِهِ ... فمزَّقهُ حَدُّ أَنيابِهَا)