بعدهمْ الخدم وهم سَبْعَة آلَاف خَادِم ثمَّ الْحجاب وهم سَبْعمِائة حَاجِب وعلق فِي دَار الْخلَافَة ثَمَانِيَة وَثَلَاثِينَ ألف ستر ديباج وَكَانَت الْفرش الفاخرة الَّتِي بسطت فِي الأَرْض اثْنَيْنِ وَعشْرين ألف بِسَاط وَفِي الحضرة مائَة سبع بسلاسل الذَّهَب وَالْفِضَّة وأبرز شَجَرَة صيغت من الذَّهَب وَالْفِضَّة وَأَغْصَانهَا تتمايل بحركات مصنوعة وعَلى الأغصان طيور ذهب وَفِضة تنفخ فِيهَا الرّيح فَيسمع لكل طير تغريد وصفير خَاص وَهَذَا بعد وَهن الْخلَافَة وضعفها فَكيف كَانَ زينتها فِي أَيَّام دولتهم فِي كَمَال وصفهَا فسبحان من لَا يزَال ملكه وَلَا يَزُول وَفِي هَذِه السّنة وَهِي سنة سبع عشرَة وثلاثمائة لم تشعر الْحجَّاج يَوْم التَّرويَة بِمَكَّة إِلَّا وَقد وافاهم عَدو الله أَبُو طَاهِر القرمطي فِي عَسْكَر جرار فَدَخَلُوا بخيلهم وسلاحهم الْمَسْجِد الْحَرَام وَوَضَعُوا السَّيْف فِي الطائفين والمصلين والمحرمين إِلَى أَن قتلوا فِي الْمَسْجِد الْحَرَام وَفِي مَكَّة وشعابها أَزِيد من ثَلَاثِينَ ألف إِنْسَان وركض أَبُو طَاهِر بِسَيْفِهِ مسلولا بِيَدِهِ وَهُوَ سَكرَان فصفر لفرسه عِنْد الْبَيْت فَبَال وراث وَالْحجاج يطوفون وَالسُّيُوف تأخذهم وَقتل فِي المطاف خَاصَّة ألف محرم وطمت بِئْر زَمْزَم بالقتلى وَمَا بِمَكَّة من الْحفر والآبار ملئت بهم وطلع أَبُو طَاهِر إِلَى بَاب الْكَعْبَة فقلعه وَهُوَ يَقُول من // (الرمل) //
(أَنَا بِاللَّهِ وَباللَّهِ أَنَا ... يَخْلُقُ الْخَلْقَ وَأُفْنِيهِمْ أَنَا)
وأطلع رجلا لقلع الْمِيزَاب فَأَتَاهُ سهم من جبل أبي قبيس فَقتله وأطلع آخر لقلعه فَسقط إِلَى أَسْفَل فانفضخ دماغه فَقَالَ دَعوه حَتَّى يَأْتِي من يَأْخُذهُ وَقتل أَمِير مَكَّة مُحَمَّد بن محَارب وخلقاً من الْعلمَاء والصلحاء واستدعى جَعْفَر بن أبي علاج فَأمره بقلع الْحجر الْأسود فقلعه بعد الْعَصْر يَوْم الِاثْنَيْنِ رَابِع عشر لَيْلَة خلت من ذِي الْحجَّة من تِلْكَ السّنة وَأقَام بِمَكَّة أحد عشر يَوْمًا وَقيل سِتَّة أَيَّام ثمَّ انْصَرف إِلَى بَلَده هجر وَحمل مَعَه الْحجر الْأسود يُرِيد أَن يحول الْحَج إِلَى بَلَده الَّذِي سَمَّاهُ دَار الْهِجْرَة وَأَرَادَ أَخذ مقَام الْخَلِيل فغيبه بَنو شيبَة فِي بعض شعاب مَكَّة وَلما وصل إِلَى بَلَده علق الْحجر الْأسود فِي الأسطوانة السَّابِعَة مِمَّا يَلِي صحن الْمَسْجِد وَبَقِي الْحجر الْأسود عِنْدهم وبذل لَهُ الْمُطِيع العباسي خمسين ألفا فَلم يردوه إِلَى أَن أيسوا من تَحْويل الْحَج إِلَى بلدهم هجر فَردُّوهُ إِلَى مَحَله من أنفسهم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute