وَفِي سنة خمس أَرْبَعِينَ وَخَمْسمِائة من خِلَافَته أمْطرت السَّمَاء دَمًا أَحْمَر لَا يُنكر مِنْهُ شيءوكان ذَلِك الإمطار فِي بِلَاد نيسابور وَفِي قلادة النَّحْر فِي حوادث سنة تسع وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة من خلَافَة الْمَذْكُور كَانَت قصَّة أهل قَرْيَة المعلف وَهِي قَرْيَة بَين الكُدر والمهجم من أَعمال تهَامَة الْيمن وَفِي كِفَايَة المستبصر هما قَرْيَتَانِ اسْم أحمدهما معلف ولأخرى سحلة أرسل الله عَلَيْهِمَا سَحَابَة سَوْدَاء فِيهَا رجف وبرق وشعل نَار تلهب وريح فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِك زَالَت عُقُولهمْ فألتجأ مِنْهُم قوم إِلَى الْمَسَاجِد فغشيهم الْعَذَاب فاحتملت الرّيح أصل القريتين من تَحت الثرى بمساكنهم بِمن فِيهَا من الرِّجَال وَالنِّسَاء والأطفال وَالدَّوَاب فألتقتهم بمَكَان بعيد نَحْو خَمْسَة أَمْيَال من حَيْثُ احتملتهم فوجدوا حَيْثُ ألقتهم صرعى ولبعضهم أَنِين وهم صم وبكم وعمى فماتوا عَن آخِرهم يومهم نسْأَل الله السَّلَام والعافية لنا وَلِجَمِيعِ الْمُسلمين وَكَانَ المقتفي محباً للْحَدِيث وسماعه معتنياً بِهِ وبالعلم مكرماً لأَهله وَلما دَعَا الإِمَام أَبَا مَنْصُور الجواليقي النَّحْوِيّ ليجعله أَمَام يُصَلِّي بِهِ الصَّلَوَات الْخمس دخل فَمَا زَاد على أَن قَالَ السَّلَام على أَمِير الْمُؤمنِينَ وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته وَكَانَ الطَّبِيب هبة الله بن صاعد ابْن التلميذ النَّصْرَانِي قَائِما فَقَالَ مَا هَكَذَا يسلم على أَمِير الْمُؤمنِينَ يَا شيخ فَلم يلْتَفت إِلَيْهِ الجواليقي وَقَالَ للمقتفي يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ سلامي هُوَ مَا جَاءَت بِهِ السّنة النَّبَوِيَّة وروى لَهُ خبرَاً فِي صُورَة السَّلَام ثمَّ قَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لَو حلف حَالف أَن نَصْرَانِيّا أَو يَهُودِيّا لم يصل إِلَى قلبه نوع من أَنْوَاع الْعلم على الْوَجْه الْمُعْتَبر مَا لَزِمته كَفَّارَة الْحِنْث لِأَن الله تَعَالَى ختم على قُلُوبهم وَلم يفك خَتمه إِلَّا الْإِيمَان فَقَالَ المقتفي صدقت وأحسنت فَكَأَنَّمَا ألقم ابْن التلميذ حجرا مَعَ فَضله وغزارة علمه وأدبه وَتُوفِّي الْخَلِيفَة المقتفي يَوْم الْأَحَد ثَالِث ربيع الأول وَقبل الآخر وَقيل رَجَب سنة خمس وَخمسين وَخَمْسمِائة مُدَّة خِلَافَته خمس وَعشْرين سنة وَثَلَاثَة أشهر وَنصف وعمره سبع وَسِتُّونَ سنة وَقيل وَشهر وَاحِد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute