وَفِي أَيَّامه مَاتَ السُّلْطَان طغرلبك شاه بن أرسلان بن طغرلبك بن مُحَمَّد بن ملك شاه وَهُوَ آخر مُلُوك الدولة السلجوقية وَكَانَ عدتهمْ نيفاً وَعشْرين ملكا أَوَّلهمْ طغرلبك الَّذِي أعَاد الْخَلِيفَة الْقَائِم إِلَى بَغْدَاد وَمُدَّة دولتهم مائَة وَسِتُّونَ سنة وطالت أَيَّامه فأحيا رسوم الْخلَافَة وامتلأت الْقُلُوب بهيبته وَكَانَ ذَا فكر صائب وَكَانَت أَيَّامه من غرر الزَّمَان وَهُوَ الَّذِي وَقع للشريف قَتَادَة بن إِدْرِيس صَاحب مَكَّة مَعَه تِلْكَ الْوَاقِعَة حِين استدعاه وسأذكرها إِن شَاءَ الله فِي الخاتمة عِنْد ذكر الشريف قَتَادَة وَكَانَ لَهُ إِحْسَان على أهل الْحَرَمَيْنِ وَكَانَت الْكَعْبَة الشَّرِيفَة تُكسَى الديباج الْأَبْيَض زمن الْمَأْمُون إِلَى آخر أَيَّام النَّاصِر هَذَا فكساها الديباج الْأسود وَاسْتمرّ إِلَى زَمَاننَا هَذَا قَالَ فِي قلادة النَّحْر نقلا عَن الْعِمَاد الْكَاتِب فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة فِي خلَافَة النَّاصِر العباسي أجمع المنجمون على اجْتِمَاع الْكَوَاكِب السَّبْعَة فِي برج الْمِيزَان وَيدل ذَلِك على خراب الْعَالم وَأَن تهب ريح مثل ريح قوم عَاد وعينوا الِاجْتِمَاع فِي لَيْلَة نصف شعْبَان من السّنة الْمَذْكُورَة وَفرق الْمُلُوك فَحَفَرُوا حفائر ونقلوا إِلَيْهَا المَاء والزاد قَالَ فَلَمَّا كَانَت اللَّيْلَة الَّتِي عينوها جلسنا عِنْد السُّلْطَان والشموع تتقد فَلم يَتَحَرَّك اللهب مِنْهَا وَلم تَرَ لَيْلَة مثلهَا فِي ركود رِيحهَا وسكونها وَلَكِن ظهر بعد ذَلِك أَن سُلْطَان التتار خرج فِي تِلْكَ اللَّيْلَة من تِلْكَ السّنة فَكَانَ مِنْهُ مَا كَانَ من الْفساد وعاث فِي أَكثر الْبِلَاد وأفنى خلقا من الْعباد حَتَّى قتل الْخَلِيفَة العباسي المستعصم بِاللَّه بِبَغْدَاد كَمَا سأذكر قصَّته على أتم الْأَحْوَال وَفِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة أمْطرت السَّمَاء يَوْمًا وَلَيْلَة رَمَادا وأظلمت الدُّنْيَا وَعجز النَّاس عَن اطراق الطّرق إِلَى بُيُوتهم من الْأَسْوَاق وَذَلِكَ بِمَدِينَة زبيد بِالْيمن وَوَقعت بردة فِي أَسْفَل وَادي مور من بِلَاد تهَامَة طولهَا مائَة وَسِتُّونَ ذِرَاعا وعرضها عشرَة أَذْرع وسمكها نَحوا من قامتين فَلَمَّا ذَابَتْ سقى بِمَائِهَا أَربع قطع من الأَرْض فِي ذَلِك الْموضع
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute