قلت يُشِير إِلَى ابْن الْفُرَات وَكَانَ وزيراً فِي خلَافَة المقتدر وَكَانَ آخر خطْبَة خطبت بِبَغْدَاد قَالَ الْخَطِيب فِي أَولهَا الْحَمد لله الَّذِي هدم بِالْمَوْتِ مشيد الْأَعْمَار وَحكم بالفناء على أهل هَذِه الدَّار وَالسيف قَائِم بهَا وَمِمَّا قَالَه تَقِيّ الدّين ابْن أبي الْيُسْر فِي بَغْدَاد من // (الْبَسِيط) //
(لسائلِ الدمعِ عنْ بغدَادَ إخبارُ ... فَمَا وقوفُكَ والأحبابُ قد سَارُوا)
(يَا زائرينَ إِلى الزوراءِ لَا تَفِدُوا ... فَمَا بِذَاكَ الحِمى والدارِ ديَّارُ)
(تاجُ الخلافةِ والرَّبْعُ الَّذِي شَرُفَتْ ... بِهِ المَعَالِمُ قد عفَّاهُ إقفارُ)
(أضحَى لِعَصْفِ البلا فِي رَبْعِهِ أثرٌ ... وللدموعِ على الآثارِ آثارُ)
(يَا نارَ قَلْبيَ من نارٍ لحَرِّ وغًي ... شبَّتْ علهخ ووافي الرَّبْعَ إعصارُ)
(علا الصليبُ على أعلَى منابِرِهَا ... وقامَ بالأمْرِ مَنْ يحويه زُنَّارُ)
(وَكم حريمٍ سَبَتْهُ التُّركُ غَاصِبةً ... وَكَانَ مِنْ~ دونِ ذَاك السِّتْر أَسْتَارُ)
(وَكم بُدُورٍ على البَدْرِيةِ انخسفتْ ... وَلم يعدْ لِبُدُورٍ مِنُهُ إبدارُ)
(وَكم ذخائرَ أضحَتْ وَهِي شائعةٌ ... من النِّهابِ وَقد حازَتْهُ كفارُ)
(وَكم حدودٍ أقيمَتْ من سيوفهِمُ ... على الرِّقابِ وخطَّت فِيهِ أوزَارُ)
(نادَيْتُ والسَّبْيُ مَهْتُولٌ يَجُرُّهُمُ ... إِلَى السِّفاحِ من الأعداءِ دعَّارُ)
(إليكَ يَا ربَّنا الشكوَى فأنْتَ ترَى ... مَا حلَّ بالدِّينِ والباغونَ فُجَّارُ)
وَمن غَرِيب الِاتِّفَاق مَا رَوَاهُ بَعضهم قَالَ لما استولت التتار على بَغْدَاد وَقتلُوا الْخَلِيفَة المستعصم كَانَ بِبَغْدَاد رجل من ذَوي الْيَسَار مَعْرُوف فَلَمَّا سمع بِقرب التتار من بَغْدَاد جعل فِي قاع دَاره مخبأ تَحت الأَرْض وَوضع فِيهِ صناديقه وأمتعته وَسَائِر مَا يعز عَلَيْهِ من أَمْوَال وَغَيرهَا ثمَّ جعل على فَم ذَلِك الْموضع هَيْئَة فَم الخرابة وَجعل تسرب مَائِهَا إِلَى مَوضِع آخر ليخفي أَمر ذَلِك الْموضع عَن الناظرين وَقَالَ فِي نَفسه إِذا دخلت التتار بَغْدَاد خرجت إِلَى الصَّحرَاء فَإِذا خَرجُوا عدت إِلَى دَاري وَمَالِي فَلَمَّا فرغ من إحكام ذَلِك وجد فِي ذخائره سِتا من اللآليء الْكِبَار النفيسة كبارَاً جدا فَقَالَ فِي باله فتح هَذِه المطمورة أَمر عَظِيم وفكر فِي