ثمَّ ظهر القرمطي بنواحي الْبَحْرين وعمان سَار إِلَيْهَا من الْكُوفَة سنة تسع وَسبعين وَمِائَتَيْنِ أَيَّام المعتضد وانتسب إِلَى بني إِسْمَاعِيل ابْن الإِمَام جَعْفَر الصَّادِق دَعْوَى كَاذِبَة وَكَانَ من أَصْحَابه الْحسن الجبائي وزكرويه القاشاني فقاما بالدعوة من بعده ودعوَا لِعبيد الله الْمهْدي وغلبوا على الْبَصْرَة والكوفة ثمَّ انْقَطَعُوا عَنْهَا إِلَى الْبَحْرين وعمان وَكَانَت هُنَالك دولة انقرضت آخر الْمِائَة الرَّابِعَة وتغلب عَلَيْهِم الْعَرَب من بني سليم وَبني عقيل وَفِي خلال ذَلِك استبد بَنو سامان بِمَا وَرَاء النَّهر آخر أَعْوَام السِّتين والمائتين وأقامت دولتهم إِلَى آخر الْمِائَة الرَّابِعَة ثمَّ اتَّصَلت دولة أُخْرَى فِي مواليهم بِغَزنَةَ إِلَى منتصف الْمِائَة السَّادِسَة وَكَانَت للأغالبة بالقيروان وإفريقية دولة أُخْرَى استبدوا بهَا على الْخُلَفَاء من لدن أَيَّام الرشيد والمأمون إِلَى أول الْمِائَة الثَّالِثَة ثمَّ أعقبتها دولة أُخْرَى لمواليهم بني طغج موَالِي كافور إِلَى السِّتين والثلاثمائة ثمَّ استولى الْمعز الفاطمي على مصر بعد موت كافور لما افتتحها لَهُ عَبده جَوْهَر الرُّومِي الصّقليّ واختط الْقَاهِرَة وَالْجَامِع الْأَزْهَر والقصرين واستمرت فِي يَد أَوْلَاده إِلَى سنة سبع وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة حَتَّى كَانَ آخِرهم العاضد فاستولى عَلَيْهِ الْملك النَّاصِر صَلَاح الدّين يُوسُف بن أَيُّوب الْكرْدِي وَقطع خطْبَة الفاطميين وَأعَاد الْخطْبَة بِمصْر لبني الْعَبَّاس للمستضيء بن المستنجد مِنْهُم بعد أَن قطعت عَنْهُم مِائَتَيْنِ ونيفاً وَثَمَانِينَ سنة مُدَّة اسْتِيلَاء الفاطميين عَلَيْهَا كَمَا سَيَأْتِي ذكر كل ذَلِك فِي الدولة الأيوبية ثمَّ عَقبهَا دولة أُخْرَى لمواليهم وَهِي الدولة التركمانية الَّذين أَوَّلهمْ الْمعز أيبك التركماني ثمَّ عقبتها دولة أُخْرَى لمواليهم وَهِي الدولة الشركسية ثمَّ عقبتها دولة أُخْرَى وَهِي العثمانية وَسَيَأْتِي ذكر كل دولة فِي بَاب على حِدة على تَرْتِيب مَا ذَكرْنَاهُ وَفِي خلال هَذَا كُله تضايق نطاق الدولة العباسية بِخُرُوج المستبدين بالنواحي عَلَيْهَا وَلم يَمْتَد نطاقها إِلَّا إِلَى نواحي السوَاد والجزيرة فَقَط إِلَّا أَنهم قائمون بِبَغْدَاد على أَمرهم