فِي طَلَبهمْ ثمَّ وقف عَلَيْهِم وامتحن أَحْوَالهم فَلم يقف على الْيَقِين فِي شَيْء مِنْهَا فخلى سيلهم وجد الْمهْدي فِي السّير وَكَانَت لَهُ كتب فِي الْمَلَاحِم منقولة من آبَائِهِ سرقت من رَحْلِهِ فِي طَرِيقه فَيُقَال إِن ابْنه أَبَا الْقَاسِم استردها من برقة حِين زحف إِلَى مصر ثمَّ إِن الْمهْدي أغزى ابْنه أَبَا الْقَاسِم وجموع كتامة سنة إِحْدَى وثلاثمائة إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة ومصر وَبعث أسطوله فِي الْبَحْر فِي مِائَتي مركب وشحنها بالأمداد وَعقد عَلَيْهَا لحباسة بن يُوسُف فسارت العساكر فملكوا برقة والإسكندرية والفيوم فَبعث المقتدر عَسَاكِر من بَغْدَاد مَعَ سُبكتكين ومؤنس الْخَادِم فتواقعوا مَعَهم مرَارًا وأجلوهم عَن مصر فَرَجَعُوا إِلَى الْمغرب ثمَّ أعَاد الْمهْدي حباسة فِي المعسكر فِي الْبَحْر سنة اثْنَتَيْنِ وثلاثمائة إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة فملكها وَسَار يُرِيد مصر فجَاء مؤنس الْخَادِم من بَغْدَاد لمحاربته فتواقعوا مَرَّات وَكَانَ الظُّهُور آخرا لمؤنس وَقتل من أَصْحَاب حباسة حوالي سَبْعَة آلَاف وَانْصَرف إِلَى الْمغرب فَقتله الْمهْدي فانتفض عَلَيْهِ لذَلِك أَخُو حباسة واسْمه عرُوبَة وَاجْتمعَ عَلَيْهِ من كتامة خلق كثير من كتامة والبربر فسرح إِلَيْهِ الْمهْدي مَوْلَاهُ غَالِبا فِي الجيوش فَهَزَمَهُمْ وَقتل عرُوبَة وَبني عَمه فِي أُمَم لَا تحصى ثمَّ اعتزم الْمهْدي على بِنَاء مَدِينَة على سَاحل الْبَحْر يتخذها معصماً لأهل بَيته لما كَانَ يتوقعه على الدولة من الْخَوَارِج ويحكى عَنهُ أَنه قَالَ بنيتها ليعتصم بهَا الفواطم سَاعَة من نَهَار وأراهم موقف صَاحب الْحمار بساحتها فَخرج بِنَفسِهِ يرتاد موضعا لبنائها وَمر بتونس وقرطاجنة حَتَّى وقف على مَكَانهَا جَزِيرَة مُتَّصِلَة بِالْبرِّ كصورة كف اتَّصَلت بزند فاختطها وَهِي المهدية وَجعلهَا وأدار ملكه وأدار عَلَيْهَا سوراً محكماً وَجعل لَهَا أبواباً من الْحَدِيد وزن كل مصراع مائَة قِنْطَار وابتدأ بنائها آخر سنة ثَلَاث وثلاثمائة وَلما ارْتَفع السُّور رمى من فَوْقه بِسَهْم إِلَى نَاحيَة الْمغرب وَنظر إِلَى منتهاه وَقَالَ إِلَى هَذَا الْموضع يصل صَاحب الْحمار يَعْنِي أَبَا يزِيد وَأَبُو يزِيد هَذَا خارجي خرج عَلَيْهِ نهب باجة وَغَيرهَا وأحرق وَقتل الْأَطْفَال وسبى النِّسَاء وَاجْتمعَ إِلَيْهِ قبائل البربر وَاتخذ الأخبية والبيوت وآلات
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute